كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

فإن تلامذته كثيرة وطوائف جماعاته غزيرة فينتظم لهم بعده الأمر ولا يضرم لنا من كيدنا الجمر وإذا علموا أن ذلك منا واشتهر ذلك الكيد عنا أخذوا منا حذرهم وصوبوا إلينا عداوتهم ومكرهم ثم عملوا على استئصالنا واستعدوا لقتالنا لأنا أهلكنا معتقدهم وهدمنا عمادهم ومعتمدهم ولا يمكننا بعد ذلك طلب الملامة والسلامة وتستمر العداوة بيننا وبينهم إلى يوم القيامة، مع إن عداوتنا قديمة وبالجملة فعاقبة من عادى أولياء الله وخيمة إذا تقرر هذا القول وثبت بطرق المعقول فاعلم أيها الغول والشيطان المهول أن الرأي الصواب في هذا المصاب أن نبادر إلى هذا الرجل وجماعته بإفساد طاعتهم وطاعته وحيث لا يتيسر لنا المواجهة ولا الخطاب والمشافهة ولا الإضلال في الظاهر بصورة المتجاهر فنزين لهم حب الدنيا وشهوائها والميل إلى زينتها ولذاتها والركون إليها والاعتماد عليها ونلقي إليهم طول الأمل وبعد الأجل فنثبطهم بذلك العمل وندعوهم إلى التهاون والكسل ثم بعد ذلك نجلو خدود عرائس الحرص على أبصار أفكارهم وقدود موائس الشج وحب المال على أعين خيالاتهم وبصائر أسرارهم فإذا ذاقت ألسنة عقولهم حب الدنيا وتمكنت في أدمغة سويدائهم الرغبة في الآباء والأبناء سلبوا حب الطاعة وتفرقت منهم الجماعة وزاغوا عن الطريق الأقوم وراغوا عن السبيل الأمم فنتوصل إذ ذاك منهم إلى مقاصدنا ونوقعهم كيفما اخترنا في مصايد مراصدنا لأنهم هبطوا من سماء المنازعة إلى الأرض وأهلكوا بأيديهم أنفسهم إذ بغى بعضهم على بعض فتحاسدوا وتحاشدوا وتدابروا وتفاخروا وتضاربوا وتناهبوا وتسالبوا

الصفحة 155