كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

وتقابلواوتقاتلوا وتفرقوا وتمزقوا وتحرقوا وانحاز كل منهم إلى ناحية وأعجب كل برأيه فلا تعرف منهم الفرقة الناجية إذ تفرقت أهوائهم وتصادمت آراؤهم وجذبت أغراضهم إلى الانحناء وجلبتهم أمراضهم مع الأهواء ومال كل منهم إلى صوب وأيس منهم الصواب الاوب وتعدد الخلق الذمر ولبس كل لصاحبه جلد النمر ثم بعد ذلك زلوا وأزلوا وضلوا وأضلوا فتمكنا فيهم كما نريد وتصرفنا فيهم تصرف السادات في العبيد وسلطنا عليهم دواعي الغضب والشره ولعبنا بشيوخهم لعب الصبيان بالكره فنصوب لهم أقوالهم ونزخرف أفعالهم كما قال من خلقهم وأحوالهم: وزين لهم الشيطان أعمالهم ولا نقصد بذلك إلا كبراءهم وفضلاءهم وعلماءهم وزهادهم ورؤساءهم وحكامهم وحكماءهم ولا نفتر عن مكابدتهم ولا نميل عن مكايدتهم ونجري في عروقهم ونسكن في فروقهم ونحركهم في رعودهم وبروقهم فإن تحركوا إلى خير سكناهم وإن سكنوا عن شر حركناهم وإن عزموا على الآخرة صددناهم وإن حزموا إلى مواطن رددناهم وإن أموا مفسدة قدناهم أو هموا إلى معصية سقناهم ولا بد لهذا العمل الكثير من تأثير ولبيدق جد في المسير أن يصير وبالجملة فنبذل في كل عامة جهدنا وجدنا ولا غضاضة في ذلك علينا لأنه صنعة أبينا
وجدنا وقد أخبر بذلك جدنا اللعين لما خالف رب العالمين كما أخبرنا في الكتاب المبين قوله: فبعزتك لأغوينهم أجمعين.

الصفحة 156