كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

للثمار ملابس الأشجار من الأذيال والأكمام فألجأت الضرورة ذلك الإنسان أن خرج من البستان ثم رجع في الحال فرأى فيه أربعة رجال أحدهم جندي والآخر شريف والثالث فقيه والرابع تاجر ظريف قد أكلوا وسقوا وناموا واتفقوا وتصرفوا في ذلك تصرف الملاك وأفسدوا فسادا فاحشا خادشا وما رشا وناوشا وناكشافأضر ذلك بحاله ورأى العجز في أفعاله، إذ هو وحيد وهم أربعة وكل عتيد فسارع إلى التأخيذ وعزم على التفخيذ فابتدأ بالترحيب والبشاشة والإكرام والهشاشة وأحضر لهم من أطايب الفاكهة وطايبهم بالمفاكهة وسامح بالممازحة ومازح بالمسامحة إلى أن اطمأنوا واستكانوا واستكنوا ودخلوا في اللعب ولاعبوه بما يجب فقال في أثناء الكلام أيها السادة الكرام لقد حزتم أطراف المعارف والطرف فأي شيء تعانون من الحرف فقال أحدهم أنا جندي وقال الآخر وأنا رسول الله حدي وقال الثالث أنا فقيه وقال الرابع أنا تاجر نبيه فقال والله لست بنبيه ولكن تاجر سفيه وقبيح الشكل كريه أما الجندي فإنه مالك رقابنا وحارس حجابنا يحفظنا بصولته ويصون أنفسنا وأموالنا وأولادنا بسيف دولته ويجعل نفسه لنا وقاية وينكي في أعدائنا أشد نكاية فلو مد يده إلى كل منا ورزقه فهو بعض استحقاقه ودون حقه وأما الشريف فإن جده هدانا ومن النار أنجانا وقد ملكنا كرامة وحبا لقوله تعالى: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى. وقد تشرف به اليوم مكاني وحلت به البركة علي وعلى بستاني وأما سيد العالم فهو مرشد العالم وهو سراج ديننا الهادي إلى يقيننا فإذا شرفونا بإقدامهم ورضوا أن نكون من خدامهم فلهم الفضل علينا والمنة الواصلة إلينا وأما أنت يا

الصفحة 161