كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

خير وأنعام وبقاء ذكر الزمام على الدهر والأعوام ولكن لا أعير هذه الأحلام إلا بدينار تمام فناوله ديناراً وأظهر استشاراً فقال له يولد لك غلام بعد ثلاثة أيام فضحك الزمام من هذا الكلام وقال يا أمام أنا رئيس الخدام ظواشي بلا شي لا زوجة ولا سرية ولا آلة ولا شهية فمن أين لي هذه السعادة ولا فرحت بحسن الحسنى فأنى تحصل هذه الزيادة فلا تسخر مني وكف كلامك عني وأخبرنيبتعبير هذا المنام ودع عنك الملام فقال حقاً أقول وأنا جربت هذا المقول وقد عبرت لك هذا التعبير ولا ينبئك مثل خبير فقال الزمام يا أخي دع هذا المقال فإن وجود الولد مني محال وأنا رجل بي وجع وما بقي في منتجع فقال وماذا تشكو وألمك في أي مكان هو فقال في فؤادي أوجاع وفي رأسي صداع فقال يا زين من فاخر أعطني ديناراً آخر أصف لك أيسر دواء يحصل لك منه العافية والشفاء فدفع إليه الدينار وطلب منه دواء الدوار وما بفؤاده من ألم أورثه الوهج والضرم فقال يا أبا الفيض ضمد رجلك بعجة بيض مضافاً إليها عسل مشتار وليكن ذلك كشتار وليكن ذلك مسخناً بالنار فاستشاط الطواشي غضباً وفار كالنار شواظاً ولهباً وعرف أنه جاهل وعن طرق العلم غافل فأدبه التأديب البالغ ورده إلى ما كان عليه مكن منادمة السالغ واستمر على كلاحته بعد رجوعه إلى فلاحته (وإنما أوردت) هذا المثال يا غول الأغوال لتعلم أننا إذا اشتغلنا بمناظرتهم اشتظنا في محاورتهم لأنه في دقيق الأسرار وعميق الأفكار وتحقيق الأنظار لا يقاوم أحد جنس الإنسان فكيف يستطيع الجان معارضة من أيده الله تعالى برفيع المعاني وبديع البيان فإذا فقابلناهم في المباحث بالمعارضة تعود مسئلتنا علينا بالمناقضة

الصفحة 169