كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

عن مقاومته في الحكومة والخصوصه فعليه يهدم ذلك الجبل بمغناطيس الخداع ومعاويل الحيل ويستعين في ذلك بأهل النجدة وذوي البطش الشديد لشدة فيتوصل بهم إلى حسم ذلك الداء ولو كانوا أعداء غير أو داء فتسلط بعض الأعداء على بعض من أيمن سنة بل من أحسن فرض ولقد أحسن من قال:
تغرقت غنمي يوماً فقلت لها ... يا رب عليها الذئب والضبعا
ولا يوجد في هذا الباب لجمع شمل الأعداء أوثق من تفريق الأحباب ومصداقه قوله تعالى لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً وما قويت أعضاد الإسلام إلا باجتماع كلمة الأنصار والالتئام ولهذا قصد من نافقوا لما ترافق الأنصار وتوافقوا أن يتشاققوا ويتفارقوا فأنزل عليهم واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وهذا الفن يحتاج إلى فكر عميق ومكر دقيق وعقل كبير وفعل كثير ومصيب رأي وتدبير وسلوك في طريق اصطناع كما فعلت الفأرة من الخداع فقال الوزير ينعم مولانا الباقعة بتحقيق هذه الواقعة (فقال) سمعت أن بعض التجار كان له بستان في دار وإلى جانبه حاصل فيه المغل المتواصل وفي ذلكالحاصل وكر لشاطر من شطار الفار له عدة منافذ وإلى الجهات طرق ومآخذ أحدها إلى جهة البستان والبستان كأنه جنة رضوان فكانت الفاره ذات الشطارة والمهارة تأخذ من الغلات وأطايب الطعامات ما يكفيها غداء وعشاء صيفاً وشتاء

الصفحة 171