كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

عمري على ذلك مضى وزماني في إخلاص العبودية انقضى وأبي كان في خدمة أبيك وجدي عبد جدك وذويك لم نزل في رق الطاعة متمسكين بحبل سنة الولاء مع الجماعة كل ذلك لأمر يدهم أو نازلة تقدم فنستدفع ذلك الخطيب بخطابكم ونستكفي هول ذلك النازل بجنابكم والآن لقد وقعت حادثه بالباب عابثة وبالأفكار عائثة وللأرواح كارثة وذلك أني خرجت من مسكني لطلب قوتي ثم رجعت إلى مبيتي ذو فوجدت ظالماً قد استحوذ عليه وغاصباً قد دخل إليه وهو ثعبان مالي به يدان وقد تراميت على جنابك أستدفع هذا البلاء بك فقال ملك الفار يا سائبة الأشفار من ترك ماله سائباً فقد جعله ذاهباً وقال ذوو الأعتبار وأولو الأبصار ينبغي بل يجب على الدزدار وحافظ القلعة والحصار أن تكون رجله ذات عرج وانكسار لئلا يكون دينار وجوده خارج الدار وأنت أيتها الفارة فرطت في أمرك والمفرط أولى بالخسارة وقد خاب منك المسعى لأنهم قالوا ظلم من أفعى ومن ظلم الأفعوان أنه لا يكد نفسه في حفر مكان وتهيئة مبان ومغان ولكنه حيث وجد مسكناً اتخذه لنفسه مقاماً وطناً وهذا قد عرف مكانك النزه وهو جبار شره فلا يزايله ولا يقابله ومن أين يلتقي مثل هذا المأوى وفي المثل عرف الكلب بيت العميا فالأولى أن ترتادي لك موضعاً فتتخذ به مقاماً ومرتعاً فقالت الفارة وقد تأثرت لهذه العبارة يا أيها السلطان وملك الفار والجرذان فما فائدة خدمتي وانقياد أبي وطاعة جدي الكبير الأبي وإذا كنتم في الدنيا لا تنفعونهنا وفي الآخرة لا تشفعون لنا ولا تدفعون في الأولى صدامات الدواهي والبلا ولا تحمون الأوداء عن مواطئ أقدام الأعداء

الصفحة 173