كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

النار ذات الوقود فعلق من النار به في الطرف وما شعر بذلك أحد وما عرف ثم لعب ساعة بذلك العود وأوصل في خفية طرفه إلى ذلك الشق المعهود لتيقظ فتتحفظ فشوظها وأجرها وأحرق رأس السفود بظرها فالتأمت وانضبطت واحترقت واختبطت وتحركت بزعجة فضرطت فزادت فضيحة الأنف والأذن ولم يحصل من تلك الحركة إلا الخجالة والغبن (وإنما أوردت) هذه الحكاية لتتأملوا في الغايات والنهايات فإن من لا يراقب ما يأتي في العواقب ما الدهر له بصاحب وهذا الرجل الصالح القيم الراجح ما فاق أقرانه وساد أصحابه وإخوانه إلا بشيء تقدم به عليهم وتحقق موجب تقدمه لديهم وذلك درجات العلم والعمل فبذاك ساد الرجل وكمل وقال منزل الآيات وخالق البريات يرفع الله الذين آمنوا ومنكم والذين أوتوا العلم درجات وقد برع في أنواع العلوم وأطلع على حقيقتها من طريقي المنطوق والمفهوم وأنتم عن طريقه غافلون وعن حقيقة ما هو عليه ذاهلون واعلموا أن طريقه واحدة وهي الحق وطرقكم متعددة وكلها فسق وأتباعه على اتباعه متحالفون وأنتم في طرائقكم القدد متخالفون فقد قال الله تعالى في محكم تنزيله وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله وقال بعض أهل الفضل وكلامه في بيان الحق فصل ما ناظرت ذا فنون إلا غلبته وما ناظرني وذو فن إلا غلبني وإنما أخشى أن ناظرت هذا الرجل الكامل الفاضل أن لا أحصل منه على طائل ويظهر فضله قصوري فينهدم بنيان قصوري

الصفحة 178