كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

يتراءى للعين الشكل الواحد اثنين ولهذا نظير في اليوم المطير وأحسن مثال عند رشق النبال وفي تدوير المحجن وفتل الصولجان عند سرعة الدوران. وقيل كأن معه رمحان فعده واحداً وهما اثنان وعندي يا دمية القصر أنه ليس المراد الحصر وإنما المراد التكثير يا ضرة البدر المنير لأن عطفه كلما انهز هزه حصل في صدر المتيم وخزه ورمح قامته يثنى ويتقصف فتارة يميل وأخرى في بتثقيف ولطعن العشاق يخطر ويتهفهف فالمتيم لا يبرح من قده في طعنات كما لم يزل من سهام جفنه في محزات ووخزات وهو من المجاز المرسل إذ المراد الطعن من ذلك الاسل وكأن قصده أن يسرد الأعداء إلى غاية ويبلغ ما لا نهاية فيقول ثان وثالث ورابع وخامس وسادس وسابع فلم تسع القافية:
يا من بوصلها شافيه ... ورضابها عافيه
ونظير هذا يأجره إن تستغفر لهم سبعين مرة، وليس المراد الحصر يا رقيقة الخصر ويا عين العين في السبعين حتى لو زاد على هذا العدد لغفر لهم الواحد الصمد بل المراد أنه لا يغفر لهم ولو زاد فقالت: يا صاحب البيان وربه إنما عنى بالرمح الواحد زبه فأفصحت له بالكلام عما لها من مرام كأنها ثالثة بنات همام فخجلت عين الرجل واستحت لما أفصحت عن مقصودها وأوضحت

الصفحة 185