كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

ثم قالت أخبرك يا حبيب بوقوع أمر غريب وحادث بديع عجيب وهو أنه قدم حكيم فاضل حليم عالم عظيم فأكرمت نزله، وبوأت منزله، وكان معه كتاب فيه العجب العجاب فسألته عما حوى فقال مكر النسا فقلت له هذا شيء لا يحصى ولا يحصر ولا يجمعه ديوان ولا دفتر فلم يسلم إليّ ولم يعول علي وذكر أنه أنهاه ولم يدع من مكر النسا فنا لا أوعه إياه فما وسعني إلى أني غازلته وداعبته وهازلته فطمع من لين محاورتي في حسن مزاورتي وطلب مني ذلك العقوق ما هو أعز من بيض الأنوق، وبينما نحن في العيش الرغيد وإذا بك أقبلت من بعيد كل ذلك والحكيم يسمع قولها وما تخبر به بعلها فلما سمع الزوج هذا الكلام اضطرب وزمجر فلم يبق الحكيم مفصل إلا ارتجف فقال هاهو في الصندوق مختفي فخذ ثارك منه واشتفي فنهض وصاح هاتي المفتاح فعلم الحكيم أن عمره ذهب وراح، وكان سبق من زمان، بين الزوجينعقد رهان أنه من فتح منهما الصندوق غلب وأقام لصاحبه بما طلب فلما ذكرت له حكاية الحكيم تذعنه عقد الرهن القديم وذهل لشدة الغيرة ووفور الحيرة وتوجه إلى الصندوق فبمجرد ما فتح القفل المغلوق صاحب عليه غلبتك يا معشوق فأد ما ثبت لي عليك من الحقوق فتذكر عقد المراهنة ولم يشك أن كلامها كان مداهنة فضحك بعد ما كان عبس وألقى المفتاح من يده وجلس ولعنها ومكرها ولعبها وفكرها ثم اصطلحا وانشرحا وزاد انشاطاً ومرحاً ثم خرج في ضروراته وتوجه إلى حاجاته فأقبلت تلك العروس إلى الحكيم

الصفحة 187