كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

وأعلموا أن الولي الخرار الذي هو إلى جهة جار لو اتفقت الآراء على صرف جريانه إلى جهة أخرى وأن يسد عن هذه الجهة المجرى فإنهم لو قصدوا ذلك من أسفل الواديلسخر منهم الحاضر والبادي، ولا يتهيأ لفاعله ما يتمناه حتى يسد طريق الماء من أعلاه. وأنتم إن قصدتم معالي الأمور وإهلاك رؤوس الجمهور ثم تعمدتم الأراذل وتبدلتم الأكابر بالأوغاد والأسافل فإنكم إذاً أغمار وقد ضيعتم في غير حاصل الأعمار وقد قيل:
إذا كنت لابد مستتربا ... فمن أعظم التل فاستترب
وما اللجين كالرصاص والجروح قصاص ولا يكافأ الربيس إلا بالربيس ولا يقابل النفيس بالخسيس وأي فخر للملوك إذا نازلوا السوقة والصعلوك وقد قيل:
ألم تر أن السيف بقدره ... إذا قلت هذا السيف أمضى من العصا
وما أكتفى صناديد قريش يوم بدر بدون اكفائهم في النسب والقدر وماذا تفيد بيلستكم وتجدي شيطنتكم ووسوستكم وأنتم أولوا الزعاره وذوو الشطارة والدعارة إذا قهرتم من الأنس وعلاكم أضعف جنس وهم أقصر أعماراً ونحن أطواراً لم نزل نصادم الجبال ونقتحم الأهوال ونظهر

الصفحة 190