كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

كما شئنا في باب الخيال ومن قبل جدنا اللعين جادل رب العامين فقال في حق جدهم أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين وقال لأغوينهم أجمعني. وقال ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثر شاكرين. وهم يموتون وهو من امنظرين وعلى كل جال نحن أقوى منهم وأجرأ وأعرف بطريق الخبث والمكر وأدرى بالجملة الحكم على الشيء فرع عن تصوره والشخص لا يحكم على شيء إلا بعد تصوره وتقرره وهذا الإنسان إلى الآن لا سبرناه ولا خبرناه ولا عرفناه ولا عرفناه فكيف فكيف تقطعون له بالغلبة وتفضلون علينا مسيره ومنقلبه، وإن لم تفصحوا بالعبارة فقد دللتم على ذلك بالإشارة وكنيتم عنه بالتلميح والكناية أبلغ من التصريح هذا ونحن كم قد أضللنا من حكيم وأذللنا من عليم وأفسدنا من عقائد وعقدنا من فسائد ونصبنا لهم من مصايد وأرصدنا عليهم من مراصد وأبطلنا من طاعات وعطلنا من خيرات وأخللنا من صلوات وأحبطنا من زكوات ومنعنا من حجات وصدقات وضيعنا من ميراث ونفقات وأسقطنا من أعمال الصالحات وكم لنا في الشر من سوق ومن سوق إلى فسوق وإلقاء في حرام وتسربل بمظالم وآثام وكم لنا من إحكام أحكام على القضاة والحكام يستحلون بها السحت والحرام ويأكلون بها أموال الأيتام ويستبيحون بها الدماء والفروج وكم دخلنا فيهم فأخرجنا منهم الإسلام أخفى خروج وكم لنا فيهم من مصائب لعصائب وحواصب

الصفحة 191