كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

واتفقت الآراء أن يرسلوا للعالم أولاً وانتخبوا من يصلح أن يكون مرسلاً فيحمله العفريت في الرسالة ما تتضمنه من الحماسة والبسالة حسب ما يراه رأيه التعيس وفكره المدبر الخسيس. وكان في سياطينه المردة وغيلانه العتاة العندة عفريت من الجن مارد مسن اسمه صن بن مصن، قد أضل عقائد وأزل قواعد وأشرب بغض بني آدم وغمس طائفة منهم في نار جهنم بعدما غهم من المعاصي في يم لا يمنعه وجوم عن الهجوم ولا يخاف الرجوم من النجوم طالما أطال العوائق في المغارب والمشارق. وأضرم نيران الإفساد بين الخلائق وملأ ما بين الخافقين من مواقع الصواعق وفوح نتانة النوساوس وفساء الظربان في المجالس وانقض للشر والفتن على كل قائم وجالس فكم له توفيق بين الحرامين وتغريق بين الحلالين وسفك دماء بين الأخوين وإلقاء للبغضة بين المحبين والعداوة بين الألفين والعربدة بين السكارى والحروب بين المسلمين والنصارى. وبالجملة فقد أوتي من الوسوسة والتلبيس صنوفاً كثيرة
فاق بها على ذرية أبليس فانتدبه العفريت الملم إلى هذا الأمر المهم، وأمهلاه إلى أن انسلخ أهاب الضو ثم طار في عنان الجو حتى وصلا إلى سفح الجبل، متعبد ذلك العالم البطل الذي ملأ الدنيا بالعلم والعمل ثم كمن العفريت في مغارة وأرسل رسوله بالسفارة يقول أبلغ عالم الأنس صاحب الكرامات والأنس ومقرب حظيرة القدس، عن شيخ العفاريت الطغاة المصاليت أني من قديم الزمان وبعيد الحدثان أضللت كثيراً من الناس، بالمكر والخداع والوسواس وفي أمثالي نزلت قل أعوذ برب الناس، وابن عمي هو الوسواس الخناس، وكان من جنس بني آدم كذا كذا ألف عالم

الصفحة 193