كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

أما سمع ذلك الملعون، وعلم الشقي المغبون، أنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون. فمتى أراد يحضر ويسير نفسه وخصمه ويخبر ويصحب معه من يريد من كل جني عنيد وشيطان مريد فإن الحق يحق فيبطل الباطل، ويتميز في حلبة السباق الحالي من العاطل، فرد هذا الجواب الرسول، وكشف حقيقة المقول. ثم إن العفريت المخذول سأل الرسول عن أوضاع الشيخ الزاهد وأحواله في المساجد والمشاهد وما شاهده من أموره وحكاياته وحركاته وسكناته وأخلاقه ومعاملاته وكيف هيئته وصورته وما شاع عنه في قومه من سيرته. فقال: رأيت رجلاً سعيد الحركات كامل البركات صورته جميلة وأوصافه نبيلة، وهيئته جليلة، بدنه نحيل وفضله عريض طويل، وكلامه الصادع في أمثالنا ثقيل قاطع. فقذف الله في قلبه الفزع، وأخذته نوافض الرعب والهلع. فقال: أما والله إن هذه الأوصاف لصعبة الأعراق والأعراف، وستطرحنا وراء جبل قاف وإنها لسيمة الصلاح وعلامة الفوز والنجاح، وإنهم لهم المنصورون، وحزب الله هم الغالبون، ولقد ندمت على مراسلته، وكان الأولى سلوك طريق مجاملته ولكن الشروع ملزم ولابد أن أتم ما عليه أعزم، فواعده إلى وقت معلوم، ثم إنه أحضر وأحضر معه من جنده كل جني ظلوم وعفريت غشوم، ومتمرد مشوم ومخلوق من قبل من نار السموم.

الصفحة 199