كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

العالم السفلي من جزئي الوقائع والكلي ومن نحوسة وسعادة ونقص وزيادة وخير وشر ونفع وضر وتأثر وتأثير وقليل وكثير وانحراف واعتدال وحدوث وزوال وصحة وسقم وسكون وألم ووجود وعدم فبعض من لم يعرف الطريقة يسند هذه الأشياء على الحقيقة، وذلك لقصور فهمه وقلة العقل كقول الجاهل أنبت الربيع البقل. وبعض من لم يكن له إدراك يزعم أن هذا إشراك ولا يسند هذه الحوادث إليها ولا يعول في ذلك أبداً عليها لا بالحقيقة ولا بالمجاز ولا يسلك في ذلك إلى طريقة المجاز والمحققون من العلماء والراسخون في العلم من حكماء الفقهاء يسندون هذه الحوادث والتأثير إلى قدرة اللطيف الخبير الصانع القدير الفاعل المختار الذي يخلق ما يشاء ويختار فإذا نسبوا هذه الأفعال إلى غير ذي الجلال فإنما يجعلونها في ذلك الباب كالآلات والأسباب كتأثير الخبز في الإشباع والنار في الإحراق والإيجاع وكفعل الماء في الإرواء والدواء في الأدواء وإنما ذلك كله بتقدير صانعها وما أودعه فيها من خواص بدائعها وصفات ودائعها كخاصية الإسهال المودعة في السقمونيا وخواص التصبير وغيره الكامنة في الموميا والإسكار في الخمر والإحراق في الجمر وقد رأينا القوة النامية عقيب الأمطار الهامية والشمس حامية تهيج وتنمو وتموج وتزكو وهذا الصنيع البديع إذا حلت الشمس في برج الحمل وقت الربيع وإذا نقلت إلى برج الأسد احترق ذلك الجسد وعند نقلها إلى الميزان ينقلب هذا الزمان، وكذا إذا تحولت الغزالة إلى برج الجدي فكأنه بلغ إلى محل الهدى فتموت إذ ذاك قوة الزمان، ويضعف لذلك غالب الحيوان

الصفحة 201