كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

وهذا كله مشاهد محسوس لا يمكن أن تنكره النفوس خواص وضعها خالق الكون، يستفاد بعضها من الطعم والريح واللون، وبعضها لا يدرك ما أودع فيه الابارشاد خالقه ومنشيه، هكذا جرت سنة العزيز الوهاب أن الأحكام والوقائع تناط بالأسباب، وقد يختلف منها الأثر عن المؤثر ليعلم من ذلك وجود سنة القاهر المدبر وأنها مقهورة تحت الأمر ومقسورة فسر العقل مع الخمر ولولا أن ذلك من سر جسيم لما تخلفت النار عن إحراق إبراهيم ولما ولدت مريم ولا أغرق البحر القبط وأنجى بني إسرائيل وموسى وكم من آكل وهو جيعان وشارب وهو عطشان ومتدثر يتدفأ بالنار وهو بردان والفلك الأعظم محيط بهذه الأجرام ونسبتها إليه كنقطة للبحر الطام متأثرة بتأثيره دائرة بتدويره يتصرف فيها على حسب ما شاء باريها وصرفه فيها منشيها فاطر السماوات والأرض جامع الخلائق ليوم العرض وكما هي محاطة بالدائرة الفوقانية كذلك هي محيطة بالكرة لتحتانية (القسم الثالث) العقول والنفوس الملكية وهي أشرف من الأجرام العلوية ومقام هذه العقول في مقام عزيز الوصول يسمى أعلى عليين وجواهرها لا توصف بتحريك ولا تسكن ولا بهذه البساطة والتركيب وأمرها بديع وشأنها عجيب وأما العرض فما لا يقوم بذاته، وهو في العالم كالألوان والطعوم وأصواته والروائح والقدر وإراداته وأما الجسم فما تركب من جوهرين فأكثر وما قام بنفسه يسمى الجوهر

الصفحة 202