كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

(وأما) الموجد للعالم فهو واحد لا ينثني واحد لا يتجزأ ولو لم يكن للعالم صانع لكان العالم أضيع ضائع وهل رأيت مصنوعاً بلا صانع وسقفاً مرفوعاً بلا رافع وهل نفي الصانع إلا مكابر. وما يجحده إلا النفوس الكافره فقال العفريت: فما لدليل على وجود الصانع العقل والنقل أم أحدهما متبوع والآخر تابع فقال العالم الزاهد: قد أطبقت العقلاء وأجمعت الحكماءأن العقل دليل على وجود الصانع وبه الدلالة والشرع له تابع وكما هو الدليل على وجود الذات كذلك هو الدليل المستقل على إثبات الصفات وهي صفات الكمال، ونعوت الجلال. فقال العفريت: فما الدليل على وحدانيته
فقال الزاهد كل من العقل والشرع كاف في دلالته. قال العفريت: فما المراد من عالم الكون والفساد؟ فقال العالم: معرفة أمور المبدأ والمعاد. قال العفريت: فما أفضل العقل أم النقل؟ فقال العالم: كل منهما حجة الله قد أسند له من عباد من يراه وذلك إن الله لما أرشدنا إلى الدين القويم، وثبت أقدام توحيدنا على الصراط المستقيم، نبهنا إلى أن المقصود من الدخول في دائرة الوجود معرفة موجودنا المعود، كما قال من يقول للشيء كن فيكون، وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ثم طلب مراضيه بما تبرز به أوامره وتقتضيه وذلك هو الرشاد ياذا المكر والعناد

الصفحة 203