كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

وقواعد السياسة كانت تقتضي السبك وأحرى بالعفو والترك وأما الآن فذلك الحكم قد انتسخ والفساد في قلوب العباد رسخ وقد قيل:
تلجي الضرورات في الامور ... سلوك ما لايليق بالأدب
ومزاج الزمان قد تغير والمعروف منه قد تنكر وقد أعرضوا عن طاعة السلطان واتبعوا مخادعة الشطان وكل منهم قد شرخ وباض الشيطان في أذنه وفرخ وتصور لخيالاته الفاسدة ومحالاته الكاسدة إنه بما يكيد يبلغ ما يريد وهيهات وشتان:
لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كلاها وحتى سامها كل مفلس
وهذا كما قال الله تعالى يعدهم ويمنيهم الشيطان وما يعدهم الشيطان إلا غرورا وما شعروا إن الملوك والسلاطين اختاره الله تعالى وألبسه من خلع جبروته كمالا وجلالا وجعلهم بأموره قائمين وبعين عنايته ملحوظين وكما إن الرسل والأنبياء والسادة الأعلام الأصفياء هم صفوة الله من خليقته ومختاروه من خير بريته من غير كد ولا جهد ولا سعي منهم ولا جد ما برطلوا على النبوة والرسالة ولا رشوا على نيل هذه الكرامة والنبالة إنما هو محض فضل من الله تعالى وعنايته والله أعلم حيث يجعل رسالته

الصفحة 52