كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

فقال له سيده في بعض الأيام لك على حق يا غلام وأنا أريد مكافأتك وأطلب موافاتك فتوجه هذه المرة في هذه السفرة فمهما ربحت فهو لك بعد أن أعتقك من قيد رق أشغلك ثمن أوسق مركباً وفسح له في السير شرقاً ومغرباً وصاه بأشياء امتثل مرسومها والتزم منطوقها ومفهومها فقال له مولاه سأرفعك على إضرابك وأغنيك عن أمثالكوأصحابك وأجعلك كأكبر من في الدنيا ولجميع رفقتك بمنزلة المولى ثم أخذ في تعبية البضائع وأوسق مركبه المتاجر والمنافع وسلمه إلى الهواء والماء بعد أن توكل على رب السماء فسار بعض أيام وهو في أهنى مرام وخضره الملاح وموسى وفتاة حافظ الألواح وبينهما السفينة من نسف العواصف أمينه تجاري السهم والطير وتبارى الدهم في السير فإذا بالرياح هاجت والأمواج ماجت وأشباح البحر تصادمت وأطواد الأمواج على العرفاء تلاطمت فعجز ذلك الملاح والحافظ ونشر مذهب ابنه أبو الجاحظ وترك سيمة الوقار والسكينة ورقم نقش الحروف في ألواح السفينة فشاهدوا من ذلك الهواء والأهوال وغدا قاع البحر كالجبال وصار في ذلك الغراب بمن فيه من الأصحاب كأحوال الدنيا بين صعود وهبوط وقيام

الصفحة 80