كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

مكان إليه نصير فتأمرهم أن يبنوا لنا هناك مدينة ويشيدوا لنا فيها أماكن مكينة ومخازن وحواصل وتملؤها من الزاد المتواصل من المآكل الطيبة والأطعمة والأشربة اللذيذة المستعذبة ولا تغفل عن الإرسال ولا تختر الإمهال والإهمال في الظهيرة والأسحار والغدوّ والآصال إذ أوقاتنا وأنفاسنا معدودة وساعة تمضي منها غير مردوده وإذا فات شيء من ذلك الوقت فلا نعوض عنه إلا الخيبة والمقت فننقل هناك ما يكفينا على حسب طاقتنا ومقدار قدرتنا واستطاعتنا فإذا تزودنا منها لم نرحل عنها بحيث إذا نقلنا من هذه الديار وطرحنا في تلك المهمة والقفار وجفانا الأصحاب وتخلى الإخلاء عنا والأحباب وأنكرنا المعارف والأوداء واحتوشتنا في تلك البيداء فنون الداء نجد ما نستعين به على إقامة الأود مدة إقامتنا في ذلك البلد فأجاب بالسمع والطاعة وأختار من المعمارية جماعة وأحضر المراكب وقطع البحر إلى ذلك الجانب وجعل الملك يمدهم بالآلات والأدوات على عدد الأنفاس ومدى الساعات إلى أن أعنى المعمارية العمارة وأكملوا حواصل الملك ودلره وأجروا فيها الأنهار وغرسوا فيها الأشجار فصارت تأوي إليها الطيور بالليل والنهار ويترنم فيها البلبل والهزار بأنواع

الصفحة 86