كتاب فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء

التسبيح والأذكار وغدت من أحسن الأمصار وبنوا إليها الضياع والقرى وزرعوا منها الوهاد والثرى ثم أرسل إليها ما كان عنده من الخزائن ونفائس الجواهر والمعادن وأرسل من ظريف التحف إليها ومن حاجاته المعول عليها بحيث لو أقام بها سنين قامت بكفايته وفضلت خزائنها عن حاجته وأكثر من إرسال ما يلزم من الأدوات والأشربة والمطعومات وجهز الخدم والحشم وصنوف الأستعدادات من النعم فما انقضت مدة ملكه ودنت أوقات هلكه إلا ونفسه إلى مدينته تاقت وروحه إلى مشاهدتها اشتاقت وهو مستوفز للرحيل ورابض للنهوض والتحويل فلما تكامل له في الملك العام لم يشعر إلا وقد أحاط به الخاص والعام ممن كان يفديه بروحه من خادمه ونصوحه ومن كان سامعاً لكلمته من أعيان خدمه وحشمته وقد تجردوا لجذبه من السرير ونزع ما عليه من لباس الحرير ومشوا على عادتهم القديمة وسلبوه الحشمة الجسيمة ومملكته العظيمة وزالت الحشمة والكلمة والحرمة وشدوا وثاقه وذهبوا به إلى الحراقة ووضعوه وقد ربطوه في المركب الذي هيئوه وأوصلوه إلى ذلك البز من البحر فما وصل إليه إلا وقد أقبلت خدمه عليه وتمثلت طوائف الحشم والناس لديه ودقت البشائر المقدمة وحل في سروره المقيم ونعمه واستمر في أتم سرور واستقر في أوفر حبور ثم قال الملك للأولاد فلذ الأكباد وإنما أوردت هذا المقال على سبيل المثال فأصغوا إلى حسن التنظير حتى أبين لكم النظير وعوامل ما أقول بآذان القبول وتأملوا رموز المعاني من هذه الألفاظ التي خجلت المثاني ثم تفكروا وتبصروا وبعد التذكير والتبصر تدبروا

الصفحة 87