كتاب مختصر تلخيص الذهبي (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬__________
= القاسم بن الفضل -رحمه الله-: إنه حسب دولة بني أمية فوجدها ألف شهر، لا تزيد يوماً ولا تنقصه، فهو غريب جداً، وفيه نظر، وذلك لأنه لا يمكن إدخال دولة عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وكانت اثنتا عشر سنة، في هذه المدة، لا من الصورة ولا من حيث المعنى، وذلك أنها ممدوحة لأنه أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون.
وهذا الحديث إنما سيق لذم دولتهم، وفي دلالة الحديث على الذم نظر، وذلك أنه دل، على أن ليلة القدر خير من ألف شهر التي هي دولتهم، وليلة القدر ليلة خيرة، عظيمة المقدار والبركة، كما وصفها الله تعالى به، فما يلزم من تفضيلها على دولتهم، فليتأمل هذا فإنه دقيق يدل على أن الحديث في صحته نظر، لأنه إنما سيق لذم أيامهم، والله تعالى أعلم.
وأما إذا أراد أن ابتداء دولتهم منذ ولي معاوية حين تسلمها من الحسن بن علي، فقد كان ذلك سنة أربعين، أو إحدى وأربعين، وكان يقال له عام الجماعة، لأن الناس كلهم اجتمعوا على إمام واحد.
وقد تقدم الحديث في صحيح البخاري عن أبي بكرة أنه سمع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول للحسن بن علي: "إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".
فكان هذا في هذا العام، -ولله الحمد والمنة-. واستمر الأمر في أيدي بني أمية من هذه السنة إلى سنة اثنتين وثلاثين ومائة، حتى انتقل إلى بني العباس كما سنذكره، ومجموع ذلك اثنتان وتسعون سنة وهذا يطابق ألف شهر، لأن معدل ألف شهر ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر، فإن قال: أنا أخرج منها ولاية ابن الزبير وكانت تسع سنين، فحينئذ يبقى ثلاث وثمانون سنة، فالجواب أنه وإن خرجت ولاية ابن الزبير، فإنه لا يكون ما بقى مطابقاً لألف شهر تحديداً، بحيث لا ينقص يوماً ولا يزيده كما قاله، بل يكون ذلك تقريباً، هذا وجه، الثاني أن ولاية ابن الزبير كانت بالحجاز والأهواز والعراق في بعض أيامه، وفي مصر في قول، ولم تنسلب يد بني أمية من الشام أصلاً، =

الصفحة 1667