كتاب السنة للمروزي

30 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ خَلَفٍ - وَكَانَ مِنَ الْخَائِفِينَ - قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ: §إِنَّمَا الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِمَنْزِلَةِ الْحِصْنِ، فَإِذَا أَحْدَثَ الْمُسْلِمُ حَدَثًا ثُغِرَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ قِبَلِهِ، فَإِنْ أَحْدَثَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ فَاثْبُتْ أَنْتَ عَلَى الْأَمْرِ الَّذِي لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ لَقَامَ الدِّينُ لِلَّهِ بِالْأَمْرِ الَّذِي أَرَادَهُ مِنْ خَلْقِهِ لَا يُؤْتَى الْإِسْلَامُ مِنْ قِبَلِكَ
31 - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ عَمْروِ بْنِ جَابِرٍ اللَّخْمِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: §بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ نَفْسَكَ، وَإِيَّاكَ وَأَمْرَ الْعَوَامِّ؛ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا، الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ، قَالَ: وَزَادَ فِي غَيْرِهِ قِيلَ لَهُ: خَمْسِينَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: «خَمْسِينَ مِنْكُمْ»
32 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ، ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ صُبَيْحٍ الْمُرِّيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ، أَخِي بَنِي مَازِنِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ لِلْمُتَمَسِّكِ فِيهِنَّ يَوْمَئِذٍ بِمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ» ، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَوَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: «بَلْ مِنْكُمْ» ، وَمَدَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِينَ قَبِلَوَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَدَّى إِلَيْهِمْ عَنِ اللَّهِ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ وَهُمُ الْمُهَاجِرُونَ، وَالْأَنْصَارُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَرَبَ بِهِمُ الْمَثَلَ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَقَالَ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] الْآيَةَ -[15]-، وَقَالَ: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] الْآيَةَ،

33 - فَهُمْ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَدُّونَ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَدَّى إِلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ أَمَرَهُمْ، فَقَالَ: لِيُبْلِغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ، فَمَضَوْا عَلَى مِنْهَاجِ نَبِيِّهِمْ مُتَّبِعِينَ حُكْمَ الْقُرْآنِ وَسُنَّةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

34 - وَمَدَحَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، وَأَمَرَ بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعْدَهُ، وَحَذَّرَ أُمَّتَهُ الْمُحْدَثَاتِ الَّتِي أُحْدِثَتْ بَعْدَهُمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّهَا بِدْعَةٌ، وَذَمَّ اللَّهُ مَنْ أَحْدَثَ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فِي دِينِ اللَّهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، فَحَذَّرَنَا أَنْ نَكُونَ مِثْلَهُمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ نَهَاهُمْ أَنْ يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ، وَنَهَانَا عَنْ مِثْلِ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ فَقَالَ: {شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] فَشَرَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّرَائِعَ وَسَنَّ السُّنَنَ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَوَحْيِهِ لَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، وَشَهِدَ اللَّهُ لَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3] وَقَالَ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171] ، وَقَالَ {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} -[16]- فَحَذَّرَنَا أَنْ نَكُونَ مِثْلَهُمْ؛ لِأَنَّا وَرِثْنَا الْكِتَابَ كَمَا وَرِثُوهُ وَدَرَسْنَاهُ كَمَا دَرَسُوهُ

35 - ثُمَّ أَخْبَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا سَنَسْتَنُّ بِسُنَّتِهِمْ وَنَتَّبِعُ آثَارَهُمْ، وَيَبْتَدِعُ بَعْضُنَا كَمَا ابْتَدَعُوا، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ

36 - وَقَالَ: أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي النُّجُومُ وَالتَّكْذِيبُ بِالْقَدَرِ وَأَئِمَّةٌ مُضِلُّونَ، وَبَرَّأَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ {الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159] وَأَمَرَ بِاتِّبَاعِ سَبِيلِهِ فِي كِتَابِهَ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، بِذَلِكَ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الْمُتَوَاتِرَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا وَسَنَذْكُرُ بَعْضَ مَا يَحْضُرُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ

الصفحة 14