كتاب السنة للمروزي

243 - وَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: " §كُنْتُ أَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ فَلَا أَعْرِفُهَا {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البقرة: 106] ، أَقُولُ هَذَا قُرْآنٌ وَهَذَا قُرْآنٌ فَكَيْفَ يَكُونُ خَيْرًا مِنْهَا حَتَّى فُسِّرَ لِي فَكَانَ بَيِّنًا، نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا لَكُمْ أَيْسَرُ عَلَيْكُمْ، أَخَفُّ عَلَيْكُمْ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا حَكَى ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالُوا: فَإِنَّمَا مَعْنَى النَّسْخِ هُوَ أَنْ يَنْسَخَ حُكْمَهُ الْأَوَّلَ الَّذِي أَوْجَبَهُ بِكَلَامِهِ عَلَى عِبَادِهِ بِحُكْمٍ خَيْرٍ لَهُمْ مِنْهُ فَإِنَّمَا خَفَّفَ عَلَى الْعِبَادِ فَأَبْدَلَهُمْ عَمَلًا أَخَفَّ عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا أَرَادَ حُكْمًا خَيْرًا لَهُمْ مِنْ حُكْمِ الْآيَةِ الْأُولَى أَوْسَعَ لَهُمْ وَأَخَفَّ عَلَيْهِمْ كَمَا نَسَخَ قِيَامَ اللَّيْلِ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْهُ فَكَانَ مَا تَيَسَّرَ خَيْرًا لَهُمْ فِي السَّعَةِ وَالْخِفَّةِ مِنَ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ بِطُولِ قِيَامِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُمْ قَامُوا حَوْلًا حَتَّى تَوَرَّمَتْ أَقْدَامُهُمْ فَخَفَّفَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَكَذَلِكَ كَانُوا لَا يُنَاجُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَتَصَدَّقُوا بِصَدَقَةٍ فَخَفَّفَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّاسِخُ خَيْرًا لَهُمْ بِأَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ إِذَا هُمْ عَمِلُوا بِهِ وَخَيْرًا لَهُمْ فِي الْعَاقِبَةِ، قَالُوا: فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيَانُ الْحُكْمِ الثَّانِي الَّذِي أُبْدِلَ بِهِ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ فِي كِتَابِهِ مُنَزَّلًا وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ بَيَانَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُنْزِلَهُ فِي كِتَابِهِ
244 - وَقَدْ حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَوْفٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ -[71]- رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَلَا كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ "

الصفحة 70