كتاب شرح شواهد المغني (اسم الجزء: 1)

بما لا يكون في الرجال. قال: فأنشدته حتى برق الصبح. أخرجه في الأغاني.
وقال ثعلب: أخبرني أبو قيس العنبري، عن عكرمة بن جرير، قال: قلت لأبي:
من أشعر الناس؟ قال: زهير أشعر أهل الجاهلية. قلت: فالاسلام؟ قال: الفرزدق ينعق بالشعر. قلت: فالأخطل؟ قال: يجيد مدح الملوك ويصيب صفة الخمر.
قلت: فما تركت لنفسك؟ قال: دعني، فإني نحرت الشعر نحرا. أخرجه في الأغاني (¬1) وأخرج عن سعيد بن المسيب قال (¬2): كان عمر جالسامع قوم يتذاكرون أشعار العرب اذ أقبل ابن عباس، فقال عمر: قد جاءكم أعلم الناس بالشعر، فلما جلس قال:
يا ابن عباس، من أشعر العرب؟ قال: زهير بن أبي سلمى. قال: فهل تنشد من قوله شيأ تستدل به على ما قلت، قال: نعم، امتدح قوما من غطفان يقال لهم بنو سنان فقال:
لو كان يقعد فوق الشّمس من أحد … قوم لأوّلهم يوما إذا قعدوا (¬3)
محسّدون على ما كان من نعم … لا ينزع الله عنهم ما له حسدوا
وأخرجه من وجه آخر موصولا من طريق محمد بن إسحق، عن محمد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مثله. قال ثعلب: من قدّم زهيرا قال: كان أحسنهم شعرا، وأبعدهم من سخف، وأجمعهم لكثير من المعنى، في قليل من المنطق، وأشدّهم مبالغة في المدح، وأكثرهم أمثالا في شعره. قال:
وقال الأحنف بن قيس لبعض الأمراء: إن زهيرا ألقى عن المادحين فضول الكلام قال (¬4):
ما يك من خير أتوه فإنّما … توارثه آباء آبائهم قبل
¬__________
(¬1) الأغاني 10/ 299 (الثقافة)، والشعراء 87 - 88.
(¬2) انظر شرح ديوان زهير 279 - 283.
(¬3) رواية الديوان 282:
لو كان يخلد أقوام بمجدهم … أو ما تقدّم من أيّامهم خلدوا
أو كان يقعد فوق الشمس من كرم … قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا
(¬4) شرح ديوانه 115.

الصفحة 132