كتاب شرح شواهد المغني (اسم الجزء: 1)

فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق.
وأخرج ابن عساكر عن عديّ بن حاتم قال: كان أبي يقول لنا في الجاهلية:
إذا كان الشيء يكفيكه تركه فاتركه.
وأخرج ابن الأنباري وابن عساكر عن ابن الأعرابي قال: كان حاتم الطائي أسيرا في عنزة، فقالت له امرأة يوما: قم، فافصد لنا هذه الناقة! وكان الفصد عندهم أن يقطع عرقا من عروق الناقة، ثم يجمع الدم فيشوى. فقام حاتم إلى الناقة فنحرها، فلطمته المرأة. فقال حاتم: (لو غيرت ذات سوار لطمتني). فذهب قوله مثلا. وقال له النسوة: إنما قلنا لك فصدها! فقال: هكذا فزدي. ان قوله (فزدي) فصدي، اشم الصاد زايا، وأدخل هاء السكت على أنا.
وأخرج ابن عساكر عن أبي عبيدة قال: لما بلغ حاتم طيّ قول المتلمس (¬1):
قليل المال يصلحه فيبقى … ولا يبقى الكثير مع الفساد
وحفظ المال خير من فناء … وعسف في البلاد بغير زاد
فقال: قطع الله لسانه، حمل الناس على البخل، فهلا قال:
فلا الجود يفني المال قبل ذهابه … ولا البخل في مال الشّحيح يزيد
فلا تلتمس مالا بعيش مقتّر … لكلّ غد رزق يعود جديد
وأخرج ابن الأنباري وابن عساكر من طريق ملحان بن عركي بن عديّ بن حاتم
¬__________
(¬1) في الشعراء 136 برواية:
وأعلم علم حقّ غير ظن … وتقوى الله من خير العتاد
لحفظ المال أيسر من بغاه … وضرب في البلاد بغير زاد
وإصلاح القليل يزيد فيه … ولا يبقى الكثير على الفساد
وانظر الاغاني 21/ 136 و 137، وحماسة البحتري 216، وعيون الاخبار 2/ 195. وسيأتي ص 266.

الصفحة 209