كتاب شرح شواهد المغني (اسم الجزء: 1)

4 - وأنشد:
دعاني إليها القلب إني لأمره … سميع فما أدري أرشد طلابها
هذا من قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي أوّلها: (¬1)
أبا الصّرم من أسماء حدّثك الّذي … جرى بيننا يوم استقلّت ركابها
زجرت لها طير الشمال فإن تكن … هواك الذي تهوى يصبك اجتنابها
وقد طفت من أحوالها واردتها … سنين فأخشى بعلها وأهابها
ثلاثة أحوال فلمّا تجرّمت … علينا بهون واستحار شبابها
فقلت لقلبي: يا لك الخير إنّما … يدلّك للموت الجديد حبابها
دعاني إليها القلب إنّي لأمره … سميع فما أدري أرشد طلابها (¬2)
قال السكري: العرب تتشاءم بطير الشمال. وقوله: (فإن تكن هواك) يعني إن كانت الطير التي زجرها هواه يعني نفسها، يريد إن صدق هذا الطير سيصيبك اجتنابها، أي تنحيها وتباعدها (¬3). واستقلت: احتملت. والركاب: الابل. وقوله:
زجرت، يروى بفتح التاء وضمها، وفيه التفات على الثاني، وعلى الفتح الالتفات في طفت أو في بيننا. وقوله: من أحوالها: أي حولها، فمن زائدة. والأحوال: جمع حول. وأهابها: أستحى أن أواجهها. وثلاثة أحوال: عطف بيان لسنين أو بدل.
وتجرّمت، بالجيم، انقضت تلك السنون وتكملت. والهون: الهوان. واستحار، بالحاء المهملة، تم واجتمع. ودعاني: جواب لما، ويروى عصاني. قال الأصمعي:
أي جعل لا يقبل منى وذهب إليها سفها. وروى مطيع بدل سميع، وهو ودعاني رواية
¬__________
(¬1) سمط اللألي 866، وديوان الهذليين 1/ 70.
(¬2) ترتيب هذا البيت في ديوان الهذليين قبل البيت السابق. وفيه: (عصاني اليها ..).
(¬3) في الهذليين: (زجرت لها طير السنيح)، ويروى: (زجرت لها طير السماء).
وبعض العرب تتشاءم بالسنيح، قوله: فإن تصب هواك الذي تهوى، يعني الطير الذي زجره.

الصفحة 27