كتاب شرح شواهد المغني (اسم الجزء: 1)

انتقلت عنها. فأذن لي عليه، فلما وقفت بين يديه وجدت النابغة جالسا عن يمينه، وعلقمة جالسا عن يساره، فقال
لي: يا ابن الفريعة، قد عرفت عيصك (¬1) ونسبك في غسان، فارجع فإني باعث إليك بصلة سنية، ولا أحتاج الى الشعر، فإني أخاف عليك هذين السبعين أن يفضحاك، وفضيحتك فضيحتي، وأنت اليوم لا تحسن أن تقول (¬2):
رقاق النّعال طيّب حجزاتهم … يحيّون بالرّيحان يوم السّباسب (¬3)
فقلت: لا بد منه. فقال: ذاك إلى عميك، فقلت: أسألكما بحق الملك، الجواب:
ألا ما قدمتماني عليكما؟ فقالا: قد فعلنا. فقال: هات، فأنشأت أقول والقلب وجل (¬4):
أسألت رسم الدّار أم لم تسأل … بين الجوابي فالبضيع فحومل
حتى أتيت على آخرها. فلم يزل عمرو بن الحارث يزحل (¬5) عن مجلسه سرورا حتى شاطر البيت، وهو يقول: هذه والله البتارة التي قد بترت المدائح، هذا وأبيك الشعر، لا ما تعلّلاني به منذ اليوم. يا غلام، ألف دينار مرجوحة (¬6) فأعطيت ألف دينار، في كل دينار عشرة دنانير. ثم قال: لك عليّ مثلها في كل سنة، (ثم أقبل على النابغة فقال) (¬7): قم يا زياد بني زبيان فهات الثناء المسجوع، فقام النابغة فقال:
¬__________
(¬1) عيصك: أي أصلك.
(¬2) من قصيدته: (كليني لهم يا أميمة ...) وقد سبقت ص 121، وانظر الاغاني 15/ 123
(¬3) الحجزات: جمع حجزة، وهي حيث ثني طرف الإزار، ويكنى هنا بطيب الحجزات عن عفتهم. ويوم السباسب: هو يوم السعانين (أو الشعانين) الأحد السابق لأحد الفصح عند النصارى. وانظر اللسان (سبسب) و (حجز).
(¬4) الاغاني 15/ 123، والبكري 477.
(¬5) يرحل: يتنحى.
(¬6) في حاشية الامير 1/ 115 (مزموحة)، وفي بعض نسخ الاغاني:
(مرموحة) و (مرحوجة) وانظر 1/ 124 (الثقافة).
(¬7) مزيدة من الاغاني.

الصفحة 380