كتاب شرح شواهد المغني (اسم الجزء: 1)

ابنه خراشا فيمن أسروا. فوقع لرجل منهم فجهد به أن يخبره من هو فلم يفعل.
فبينا الآسر وخراش في ماشية أضافه ابن عم له قد عرف خراشا، فقال له: أتعرف مكان أهلك؟ قال: نعم. فألقى عليه ثوبه مجيرا له. فأقبل الآسر بالسيف صلتا فقال:
أسيري أسيري!! فقال: كذبت، قد أجرته. فكف عنه ولحق خراش بأبيه، فقال:
من أجارك؟ فأخبره. قال: فمن الرجل؟ قال: ما أتيته. فمدحه أبو خراش وهو لا يعرفه. قال أبو عبيدة: وكان يقال: لم نعلم شاعرا مدح رجلا لا يعرفه إلا أبا خراش فقال (¬1):
حمدت الهي بعد عروة إذ نجا … خراش وبعض الشّرّ أهون من بعض
كأنّهم يشّبّثون بطائر … خفيف المشاش عظمه غير ذي نحض
يبادر قرب اللّيل وهو مهابذ … يحثّ الجناح بالتّبسّط والقبض
ولم يك مثلوج الفؤاد مهبّجا … أضاع الشّباب في الرّبيدة والخفض
ولكنّه قد نازعته مخامص … على أنّه ذو مرّة صادق النّهض
ولم أدر من ألقى عليه رداءه … سوى أنّه قد سلّ عن ماجد محض
فو الله لا أنسى قتيلا رزئته … بجانب قوسى ما بقيت على الأرض
على أنّها تعفو الكلوم وإنّما … نوكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي
قوله: (كأنهم) يعني الذين يعدون خلف خراش. والمشاش: رؤس العظام.
ويقال لكل من استخف، خفيف المشاش. والنحض: بفتح النون وسكون الحاء المهملة، اللحم. ومهابذ: بالمعجمة،
سريع. قال الأصمعي: أراد مهاذب، فقلبه.
يقال: من هذب إذا عدا عدوا شديدا. وقال غيره: إنما هو مهابذ، بالمهملة، أي جاد.
¬__________
(¬1) الابيات في ديوان الهذليين على الترتيب التالي: 1 و 7 و 8 و 5 و 6 و 4 و 2 و 3.

الصفحة 422