كتاب شرح شواهد المغني (اسم الجزء: 1)

هذا من أرجوزة لرؤبة، وقد انتحلها أبو نخيلة السعدي لنفسه. أخرج ابن عساكر في تاريخه بسنده إلى الأصمعي قال: حدّثني عبيد الله بن سالم قال: دخل عليّ أبو نخيلة وأنا في قبة مظلمة، ودخل رؤبة فقعد في ناحية منها، ولا يشعر كل واحد منهما بمكان صاحبه. فقلنا لأبي نخيلة أنشدنا، فأنشد هذه، وانتحلها لنفسه:
هاجك من أروى كمنهاض الفكك … هم إذا لم يعده هم فتك
وقد أرتنا حسنها ذات المسك … شادخة الغرّة زهراء الضّحك
تبلج الزّهراء في جنح الدّلك … يا حكم الوارث عن عبد الملك
أوديت إن لم تحب حبو المعتنك … أتت بإذن الله إن لم تتّرك
مفتاح حاجات انخناهنّ بك … الذّخر فيها عندنا والأجر لك
قال: ورؤبة يئط ويذحر، فلما فرغ، قال رؤبة: كيف أنت يا أبا نخيلة؟
فقال: يا سوأتاه ألا أراك هنا هذا كبيرنا الذي يعلمنا. فقال له رؤبة: إذا أتيت الشام فخذ منه ما شئت، وما دمت بالعراق فإياك وإياه.
يقال: هاج الشيء يهيج واهتاج وتهيج أي ثار. وهاجه غيره يتعدى ولا يتعدى. وأروى، جمع أروية، وهي الأنثى من الوعول، وبه سميت المرأة. وفي الصحاح: الفكك: انفساخ القدم. وأنشد البيت. وقال الأصمعي: إنما هو الفك من قولك فكه يفكه فكا، فأظهر التضعيف ضرورة. وهم: فاعل هاجك. وفتك:
قتل على غفلة وغيره. والمسك: بفتحتين، اسورة من عاج أو ذبل، واحدها مسكة.
والشادخة: بشين وخاء معجمتين ودال مهملة: الغرّة التي فشت في الوجه من الناصية إلى الأنف ولم تصب العينين. تقول: شدخت الغرّة إذا اتسعت في الوجه.
وزهراء: مشرقة. والضحك: كناية عن التبسم، والوجه. وتبلج الصبح، وانبلج وبلج أضاء. تبلج فلان ضحك، هش. وجنح الليل، بضم الجيم وكسرها، طائفة

الصفحة 53