كتاب شرح شواهد المغني (اسم الجزء: 1)

لست بداخر لغد طعاما … حذار غد لكلّ غد طعام
قالوا: النابغة. قال: النابغة أشعر شعرائكم وأعلم الناس بالشعر. وأخرج الزبير بن بكار والاصبهاني وابن عساكر عن ابن عباس انه سئل من أشعر الناس؟
فقال: الذي يقول (¬1):
فإنّك كاللّيل الّذي هو مدركى … وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع
قالوا: هذا النابغة. وأخرجوا أيضا عن حسان بن ثابت انه سئل: من أشعر الناس؟ قال: أبو أمامة، يعني النابغة الذبياني. وأخرج ابن عساكر من طريق ابن الأنباري عن ثعلب عن عمر بن شبة عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال:
كان أوس بن حجر فحل العرب، فلما أنشأ النابغة طأطأ منه. وأخرج عن الأصمعي قال: ذكر عند أبى عمرو بن العلاء النابغة وزهير فقال أبو عمرو: ما كان زهير يصلح أن يكون أخيذا للنابغة، يعني راويا عنه. وأخرج عن الأصمعي قال: سألت بشارا الأعمى: من أشعر الناس؟ فقال: اختلف الناس في ذلك فأجمع أهل البصرة على امرئ القيس وطرفة بن العبد، وأجمع أهل الكوفة على بشر بن أبي خازم والأعشى الهمداني، وأجمع أهل الحجاز على النابغة وزهير، وأجمع أهل الشام على جرير والفرزدق والأخطل؛ وكان الأخطل دونهما. قلت: فجرير أشعر أو الفرزدق؟ فقال:
كان جرير يقول المراثي، ولقد ناحوا على النوار امرأة الفرزدق بشعر جرير. وأخرج عن الأصمعي قال: أول ما تكلم به النابغة من الشعر أنه حضر مع عمه عند رجل، وكان عمه يشاهد به الناس ويخاف أن يكون عييا، فوضع الرجل كأسا في يده وقال:
تطيب كؤوسنا لولا قذاها … ويحتمل الجليس على أذاها
فقال النابغة: رحمى لذلك:
قذاها أنّ صاحبها بخيل … يحاسب نفسه بكم اشتراها
¬__________
(¬1) ديوانه 55، والخزانة 2/ 7 (السلفية)، والشعراء 110 و 123 و 303

الصفحة 80