كتاب الرسل والرسالات

6- نسيان نبينا صلى الله عليه وسلم وصلاته الظهر ركعتين:
ومن ذلك نسيان الرسول صلى الله عليه وسلم في غير البلاغ، وفي غير أمور التشريع، فمن ذلك ما رواه ابن سيرين عن أبي هريرة قال: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إحدى صلاتي العشيّ (¬1) ، فصلى ركعتين، ثمّ سلّم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها كأنّه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى، وشبّك بين أصابعه، ووضع خدّه الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد، فقالوا: قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه.
وفي القوم رجل يقال له ذو اليدين، فقال: يا رسول الله، أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال: لم أنس، ولم تقصر، فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم. فتقدم فصلّى ما ترك، ثمّ سلّم، ثمّ كبّر، وسجد مثل سجود أو أطول، ثمّ رفع رأسه وكبّر، وسجد مثل سجوده أو أطول، ثمّ رفع رأسه وكبّر، فربما سألوه، ثمّ سلّم، فيقول: أنبئت أنّ عمران بن حصين، قال: ثمّ سلّم " متفق عليه، وليس لمسلم فيه وضع اليد على اليد ولا التشبيك.
وفي رواية، قال: " بينما أنا أصلّي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر سلّم من ركعتين، فقام رجل من بني سليم، فقال: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟ " وساق الحديث، رواه أحمد ومسلم.
وهذا يدل على أنّ القصة كانت بحضرته وبعد إسلامه.
وفي رواية متفق عليها لما قال: " لم أنس ولم تقصر، قال: بلى، قد نسيت " وهذا يدل على أن ذا اليدين تكّلم بعدما علم عدم النسخ كلاماً ليس بجواب سؤال (¬2) .
وقد صرح الرسول صلى الله عليه وسلم بطروء النسيان عليه كعادة البشر، ففي حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ولكنّي إنّما أنا بشر، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت
¬_________
(¬1) قال الأزهري: العشى عند العرب ما بين زوال الشمس وغروبها، فيكون المراد بهما الظهر أو العصر، (نيل الأوطار: 3/115) ، وقد حصل الجزم بأنها الظهر في إحدى الروايات.
(¬2) نص الحديث برواياته كما نقلها من منتقي الأخبار للمجد ابن تيمية انظر شرحه نيل الأوطار: 3/114.

الصفحة 101