كتاب الرسل والرسالات

في الأخبار الصحيحة عن الأئمة أنها موافقة لكتاب الله، متفقة المعاني، غير مختلفة، لأنها مأخوذة من طريق الوحي عن الله سبحانه " وهذا لقمي صاحب كتاب " فقيه من لا يحضره الفقيه " أحد كتب الحديث الأربعة المعتمدة عند الجعفرية يقول: " ويرى علماء الشيعة أنّ النبي إذا لم يوص فإنّه ناقص النبوة والرسالة، وأنه قد ضيع أمته " (¬1) .
ومما يدلُّ على بطلان مدعاهم في الأئمة أنّ المعصوم يجب اتباعه من غير دليل، ومخالفة غير المعصوم جائزة، بل تكون واجبة إذا علمنا أنّه خالف النصَ، وقد أمرنا الله بطاعته وطاعة رسوله، وغير رسوله يطاع إن أمر بطاعة رسوله، فإن تنازعنا رددنا الأمر إلى كتاب الله وسنة رسوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) [النساء: 59] فلو كان الأئمة معصومين لكان أوجب الرد إلى الله وإلى الرسول والأئمة، فدلّ عدم إيجاب الرد عليهم حال التنازع على عدم عصمتهم.
وقد كان عليّ وابناه وغيرهم يخالف بعضهم بعضاً في العلم والفتيا، كما يخالف سائر أهل العلم بعضهم بعضاً، ولو كانوا معصومين لكان مخالفة المعصوم للمعصوم ممتنعة، ولقد كان الحسن في أمر القتال يخالف أباه، ويكره كثيراً مما يفعله، ويرجع علي في آخر الأمر إلى رأيه، وتبين له في آخر الأمر أنّه لو فعل غير الذي فعله لكان الصواب، وله فتاوى رجع ببعضها عن بعض، والمعصوم لا يكون له قولان متناقضان، إلا أن يكون أحدهما ناسخاً للآخر. وقد وصى الحسن أخاه الحسين بأن لا يطيع أهل العراق، ولا يطلب هذا الأمر، ولو كان معصوماً لما جاز للحسين مخالفته (¬2) .
¬_________
(¬1) المصدر السابق: ص171.
(¬2) راجع مجموع فتاوى: 35/120، 126.

الصفحة 116