كتاب الرسل والرسالات

مغاليقها، واستجاشة مواضع التأثر والاستجابة فيها، وعلاجه لعقدها ومشكلاتها في بساطة ويسر عجيبين، وفي تربيتها وتصريفها وفق منهجه بأيسر اللمسات، دون تعقيد ولا التواء ولا مغالطة.
لقد شاء الله أن يجعل هذا القرآن هو معجزة هذه الرسالة - ولم يشأ أن ينزل آية قاهرة مادية تلوي الأعناق وتخضعها وتضطرها إلى التسليم - ذلك أنّ هذه الرسالة الأخيرة رسالة مفتوحة إلى الأمم كلّها، وللأجيال كلها، وليست رسالة مغلقة على أهل زمان وأهل مكان، فناسب أن تكون معجزتها مفتوحة كذلك للبعيد والقريب، لكل أمة ولكل جيل، والخوارق القاهرة لا تلوي إلاّ أعناق من يشاهدونها، ثم تبقى بعد ذلك قصة تروى، لا واقعاً يشهد..، فأما القرآن فها هو ذا بعد أكثر من ثلاثة عشر قرناً كتاب مفتوح ومنهج مرسوم، يستمدُّ منه أهل هذا الزمان ما يقوِّم حياتهم - لو هدوا إلى اتخاذه إمامهم - ويلبي حاجاتهم كاملة، ويقودهم بعدها إلى عالم أفضل، وأفق أعلى، ومصير أمثل، وسيجد فيه من بعدنا كثيراً مما لم نجده نحن، ذلك أنه يعطي كل طالب بقدر حاجته، ويبقى رصيده لا ينفد، بل يتجدد (¬1) .
¬_________
(¬1) راجع في ضلال القرآن: 19-2584 بتصرف يسير.

الصفحة 133