كتاب الرسل والرسالات

ب- أصبح بدعوته فارساً:
عن جرير بن عبد الله، قال: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تُريحني من ذي الخلَصةِ؟ فقلت: بلى. فانطلقتُ في خمسين ومائة فارسٍ من أحمسَ، وكانوا أصحابَ خيل وكنتُ لا أثبُتُ على الخيل، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضرب يده على صدري حتى رأيت أثر يده في صدري، وقال: " اللهم ثبته، واجعلهُ هادياً مهدياً. قال: فما وقعتُ عن فرس بعدُ. قال: وكان ذو الخلَصة بيتاً باليمن لخَثْعَم وبجيلة فيه نُصُبٌ تُعبَد، يقال له: الكعبة. قال: فأتاها فحرَّقها بالنار وكسرها " (¬1) .
ج- إغاثة الله الناس بدعائه:
وعن أنس بن مالك قال: أصابت الناس سنةٌ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما النبيُّ صلى الله عليه وسلم يخطبُ في يوم الجمعة، قام أعرابيٌ فقالَ: يا رسول الله هَلَكَ المالُ، وجاعَ العيالُ، فادعُ الله لنا. فرفعَ يديه، وما نرى في السماء قَزَعةً، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثارَ السحابُ أمثالَ الجبالِ، ثم لم ينزلْ عن منبره حتى رأيتُ المطرَ يتحادرُ على لحيته، فمُطِرنا يومنا ذلك، ومن الغدِ، والذي يليه حتى الجمعةِ الأخرى، وقام ذلك الأعرابي - أو قال غيره - فقال: يا رسول الله تهدَّمَ البناء وغرقَ المالُ، فادعُ الله لنا. فرفعَ يديه فقال: " اللهم حوالينا ولا علينا " فما يُشيرُ بيده إلى ناحيةٍ من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينةُ مثلَ الجوبة، وسال الوادي قناةُ شهراً، ولم يجئ أحدٌ من ناحيةٍ إلا حدّث بالجود (¬2) .
وفي رواية قال: " اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام، والجبال، والآجام، والظراب، والأودية ومنابت الشجر " قال: فأقلعَتْ وخرجنا نمشي في الشمس (¬3) .
¬_________
(¬1) صحيح البخاري: 4356، 4357. وصحيح مسلم: 2476 وذو الخلصة كما في الحديث بيت للأصنام، كان في اليمن، وأحمس كما يقول ابن حجر: على وزن أحمر، وهم رهط جرير ينسبون إلى أحمس بن الغوث بن أنمار، فتح الباري: (8/91) طبعة الرسالة. الأردن.
(¬2) صحيح البخاري: 933، ومسلم: 897، واللفظ للبخاري.
(¬3) صحيح البخاري: 1013.

الصفحة 143