كتاب الرسل والرسالات

حكمة إعطاء الكرامة للولي:
يعطي الله بعض عباده أموراً خارقة للعادة إكراماً لهم لصلاحهم وقوة إيمانهم، وقد يكون ذلك سداً لحاجتهم، كالحاجة للطعام والشراب والأمن، وقد يعطيهم ذلك لنصرة دينه، ورفعة كلمته، إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل (¬1) .
فمن ذلك ما حدثنا به القرآن الكريم من شأن مريم، فقد كان يوجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ) [آل عمران: 37] .
ومن ذلك ما جرى لأصحاب الكهف حيث ضرب الله على آذانهم في الكهف ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعاً، وحفظ الله أجسادهم تلك الدهور المتطاولة على النحو الذي حدثنا عنه في سورة الكهف.
ومن ذلك ما وقع لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك:
أمثلة من كرامات الأنبياء:
1- نور في العصا:
فمن هؤلاء أسيد بن حُضير، وعباد بن بشر تحدثا عند النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة لهما، حتى ذهب من الليل ساعة في ليلة شديدة مظلمة، ثم خرجا من عند رسول الله ينقلبان، وبيد كل واحد منهما عصيّة، فأضاءت عصا أحدهما لهما حتى مشيا في ضوئها، حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت للآخر عصاه، فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى بلغ أهله (¬2) .
¬_________
(¬1) كثير من أهل الكلام لا يثبتون خوارق العادة إلا للأنبياء، ولا يثبتونها لأحد غيرهم (شرح الطحاوية ص 158) .
(¬2) مشكاة المصابيح: (3/197) ، وأخرجه أحمد في ((المسند)) : 19/396 (12404) ، وأخرجه بنحوه البخاري: (465) و (3639) و (3805) .

الصفحة 155