كتاب الرسل والرسالات

2- الطعام المبارك:
وهذا أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يأتي معه بثلاثة أضياف من أهل الصفة، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر المسلمين أن يضيّفوا هؤلاء، وتركهم أبو بكر في منزله كي يضيفهم أهله، وذهب هو إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وجاء في ساعة متأخرة، فقالت له امرأته: ما حبسك عن أضيافك؟ قال: أو ما عشيتهم؟ قالت: أبوا حتى تجيء، فغضب، وقال: والله لا أطعمه أبداً، فحلفت المرأة أن لا تطعمه، وحلف الأضياف أن لا يطعموه، قال أبو بكر: هذا من الشيطان، فدعا بالطعام، فأكل وأكلوا، فجعلوا لا يرفعون لقمة إلا ربت أسفلها أكثر منها، فقال لامرأته: يا أخت بن فراس! ما هذا؟ قالت: وقرة عيني إنها الآن لأكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات، فأكلوا، وبعث بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر أنَّه أكل منها. متفق عليه (¬1) .
فقد كان هذا إكراماً من الله لأبي بكر لفضله، ولأنَّه لم يشتط في غضبه إذ حلف أن لا يأكل من الطعام، وراغم الشيطان، فأكرمه الله بذلك.
3- سفينة والأسد:
وهذا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطأ جيش المسلمين بأرض الروم أو أسر، فانطلق هارباً يلتمس الجيش، فإذا هو بالأسد، فقال: يا أبا الحارث (كنية للأسد) أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان من أمري كيت وكيت. فأقبل الأسد له بصبصة (أي: تحريك بالذنب) حتى قام إلى جنبه، كلّما سمع صوتاً أهوى إليه، ثمَّ أقبل يمشي إلى جنبه حتى بلغ الجيش، ثم رجع الأسد (¬2) .
¬_________
(¬1) مشكاة المصابيح: (3/198) .
(¬2) قال التبريزي في مشكاة المصابيح: رواه في شرح السنة، وقال المحقق: ورواه الحاكم بنحوه، وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي وهو كما قالا (مشكاة المصابيح: 3/199) .

الصفحة 156