كتاب الرسل والرسالات

الخوارق والأحوال الشيطانية (¬1) :
ضلَّ كثير من الناس عندما ظنوا أن كلَّ من جرت على يديه خوارق العادات فهو من أولياء الله الصالحين، فبعض الناس يطيرون في الهواء، ويمشون على الماء، ونحو ذلك، وهم من أفجر خلق الله، بل قد يدَّعون النبوة، مثل الحارث الدمشقي الذي خرج بالشام زمن عبد الملك بن مروان، وادعى النبوة، وقد أظهر أموراً خارقة للعادة، فقد كانوا يضعون القيود في رجليه فيخرجها، ويضرب بالسلاح فلا يؤثر فيه، وتسبح الرخامة إذا مسحها بيده، وكان يُري الناس رجالاً وركباناً على خيل في الهواء، ويقول: هي الملائكة، وهذا وأمثاله من فعل الشياطين، ولذلك إذا حضر بعض الصالحين هذه الأحوال الشيطانية وذكر الله وقرأ آية الكرسي أو شيئاً من القرآن بطلت أحوالهم هذه، فهذا الحارث الدمشقي الكذاب لما أمسكه المسلمون ليقتلوه طعنه طاعن بالرمح، فلم ينفذ فيه، فقال له عبد الملك: إنّك لم تسمّ الله، فسمّي الله، فطعنه فقتله (¬2) .
والمسيح الدجال تجري على يديه أمور خارقة للعادة تذهل من يراها وهو مع ذلك يدعى الألوهية.
فالخوارق ليست دليلاً على أن صاحبها ولي لله تعالى، فالكرامة سببها الإيمان والتقوى والاستقامة على طاعة الله تعالى، فإذا كانت الخارقة بسبب الكفر والشرك والطغيان والظلم والفسق فهي من الأحوال الشيطانية، لا من الكرامات الرحمانية.
¬_________
(¬1) ارجع في هذا المبحث إلى كتاب أ. د. عمر الأشقر: عالم الجن والشياطين.
(¬2) راجع مجموع فتاوى شيخ الإسلام: (11/284-285) .

الصفحة 161