كتاب الرسل والرسالات

2- خبر ابن الهيبان:
ومما حفظته لنا كتب السنة عن علماء اليهود قبل الإسلام أن رجلاً من اليهود كان يدعى ابن الهيبان قدم المدينة ونزل في يهود بني قريظة قبل الإسلام بسنين، قال راوي القصة: ما رأينا رجلاً قط لا يصلي الخمس أفضل منه، فأقام عندنا إذا قحط عنا المطر قلنا له: اخرج يا ابن الهيبان فاستسق لنا، فيقول: لا والله حتى تقدموا بين مخرجكم صدقة، فنقول له: كم؟ فيقول: صاعاً من تمر، أو مدّين من شعير، قال: فنخرجها ثمَّ يخرج بنا إلى ظاهر حرثنا، فيستسقي لنا، فوالله ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب ويسقي، وقد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاثاً.
قال: ثَمَّ حضرته الوفاة عندنا، فلمّا عرف أنّه ميت قال: يا معشر يهود، ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قال: قلنا: الله أعلم.
قال: فإني إنّما قدمت هذه البلدة أتوكف خروج نبي قد أظل زمانه، هذه البلدة مهاجرة، فكنت أرجو أن يبعثه الله، وقد أظلّكم زمانه، فلا تسبقّن إليه يا معشر يهود، فإنّه يبعث بسفك الدماء، وسبي الذراري، فيمن خالفه، فلا يمنعنكم ذلك منه، وفد انتفع بوصية ابن الهيبان مجموعة من شباب يهود بني قريظة، وهم ثعلبة بن سعيه، وأسيد بن سعيه، وأسد بن عبيد، فإنّ الرسول صلى الله عليه وسلم - لما حاصر بني قريظة - قال هؤلاء الفتية وكانوا شباباً أحداثاً: يا بني قريظة،

الصفحة 192