كتاب الرسل والرسالات

دعوة الرّسُل
النظر في دعوة الرسل مجال خصب يدلنا على مدى صدقهم، فقد جاءت الرسل بمنهج متكامل لإصلاح الإنسان، ولإصلاح المجتمع الإنساني، ودين كهذا يقول الذين جاؤوا به إنّه منزل من عند الله لا بدّ أن يكون في غاية الكمال، خالياً من النقائص والعيوب، لا يتعارض مع فطرة الإنسان، وسنن الكون، وقد وجهنا القرآن إلى هذا النوع من الاستدلال، فقال: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا) [النساء: 82] .
فكونه وحدة متكاملة يصدق بعضه بعضاً، لا تناقض فيه ولا اختلاف - دليل واضح على صدق الذي جاء به.
والنظر في المقاصد التي تدعو إليها الرسل، والفضائل والقيم التي يُنادون بها كلُّ ذلك من أعظم الأدلة على صدقهم، وقد قال الله تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء: 9] .
ولقد ألَّف العلماء مؤلفات في بيان كمال هذا الدين وشموله وبيان حكمة التشريع، وبيان القواعد والأسس التي تجعل هذا الدين بناء محكماً، يردد الناس النظر فيه فلا يجدون فيه عيباً ولا نقصاً.
وقد ميز الله البشر بالعقل، وأودع عقولهم إدراك قبح القبيح، وإدراك حسن الحسن، إلاّ أنّ رحمته جلّ وعلا اقتضت ألاّ يعذب خلقه على تركهم الحسن وفعلهم القبيح ما لم يُقِم عليهم الحجةَ بإرسال الرسل.

الصفحة 202