كتاب الرسل والرسالات

الْوَتِينَ) [الحاقة: 44-46] والمعنى أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم لو تقوَّل على الله ما لم يقله الله لأهلكه الله.
وهذا الدليل ذو تأثير كبير على نفوس الناس، فإن العرب لمّا رأت انتصار الإسلام صدقت وآمنت ودخلت في دين الله أفواجاً (إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ - وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا) [النصر: 1-2] .
شبهة:
وما يذكره بعض المكذبين برسالة محمد صلى الله عليه وسلم من أنّ النصر تمّ لفرعون ونمرود وجنكيزخان وغيرهم من الملوك الكفرة في القديم والحديث، جوابه ظاهر، فإن هؤلاء لم يدع أحد منهم النبوة، وأن الله أمره أن يدعو إلى عبادته وطاعته، ومن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار بخلاف من ادعى أن الله أرسله، ثمّ يؤيده الله وينصره، وينصر أتباعه ويجعل العاقبة لهم فإنّه لا يكون إلاّ رسولاً صادقاً، فلو كان كاذباً فلا بدّ أن ينتقم الله منه، ويقطع دابره، واعتبر في هذا بحال مسيلمة والأسود العنسي وسجاح، واعتبر هذا بحال المسيح الدجال، فإنّه يفتري على الله الكذب ويدعي الألوهية، فيكشف الله ستره، ويظهر أمره لمن كان عنده بصيرة، فهو رجل أعور، مكتوب بين عينيه كافر، وإنّما يلتبس أمره على من لم يرزق نور الإيمان.

الصفحة 205