كتاب الرسل والرسالات

فضل الأنبياء وتفاضلهم
المبحث الأول
فضل الأنبياء على غيرهم
المطلب الأول
الأدلة على هذا التفضيل
خلق الله الخلق وفاضل بينهم: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ) [القصص: 68] وقد اختار من أرضه مكة، فجعلها مقرّ بيته العتيق الذي من دخله كان آمناً، وجعل أفئدة من الناس تهوي إليه، وأوجب على الناس الحج إليه من استطاع إليه سبيلاً، وحرّم صيد الحرم وقطع شجره، وجعل الأعمال الصالحة فيه مضاعفة، وجعل إرادة الظلم فيه مستحقة العذاب الأليم، (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الحج: 25] واختار من الشهور شهر رمضان، ومن الليالي ليلة القدر، ومن الأيام يوم عرفة، ومن أيام الأسبوع يوم الجمعة، وفاضل الله بين الملائكة فاختار منهم الملائكة الذين يحملون رسالته إلى رسله وأنبيائه، واصطفى الله من بني آدم الأنبياء، فالأنبياء أفضل البشر، وأفضل الأنبياء الرسل، (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [الحج: 75] .
وقد أجمعت الأمة على تفضيل الأنبياء (¬1) على غيرهم من الصديقين والشهداء والصالحين.
ويدلَّ على تفضيلهم قوله تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ - وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا
¬_________
(¬1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 11/321.

الصفحة 209