كتاب الرسل والرسالات

المطلب الثاني
دعوى تفضيل الأئمة على الأنبياء
وقد خالفت في هذه المسألة التي أجمعت عليها الأمة طوائف من الذين ينتسبون إلى الإسلام، فمن هؤلاء الشيعة الإمامية الاثني عشرية، يقول عالم من علمائهم البارزين المعاصرين (¬1) في هذا الموضوع: " إن من ضرورات مذهبنا أنّ لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبيٌّ مرسل " (¬2) وقال أيضاً: " ورد عنهم (أي الأئمة) : إنّ لنا مع الله حالات، لا يسعها ملك مقرب، ولا نبيٌّ مرسل، ومثل هذه المنزلة موجودة لفاطمة الزهراء " (¬3) (¬4) .
¬_________
(¬1) هو الخميني الذي فجّر الثورة في إيران.
(¬2) انظر كتاب الحكومة الإسلامية للخميني: ص52.
(¬3) المرجع السابق.
(¬4) غلا الخميني في الأئمة غلواً عظيماً فقد رفعهم فوق مرتبة البشر، وعدهم في مرتبة الآلهة، يقول في كتاب الحكومة الإسلامية ص 52: " إن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات الكون" ولا أفهم من هذه الخلافة التكوينية التي تخضع لها جميع ذرات الكون إلا تلك التي حدثنا الله بها عن نفسه (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس: 52] . ويقول في الكتاب السابق أيضاً: " والأئمة كانوا قبل هذا العالم أنواراً، فجعلهم الله بعرشه محدقين، وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله " تأمل كيف وصفهم بأنهم كانوا موجودين قبل خلق العالم، وكان وجودهم نوراً، وكانوا محدقين بالعرش، وكل ذلك من الغلو الشديد المخالف لصريح الكتاب والسنة.
وبعد إعداد هذا البحث وقبل دفعه إلى المطبعة طالعتنا وكالات الأنباء والصحف بكلام للخميني لا يقل خطورة عن الكلام الذي أثبتناه من كتابه، قال بمناسبة ميلاد المهدي الغائب الذي تزعم الشيعة اختفاءه منذ أكثر من ألف عام ويزعمون بقاءه حياً وأنه سيعود مرة أخرى ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً وظلماً. وفي كلامه هذا يزعم أن الأنبياء والرسل جميعاً وفيهم محمد صلى الله عليه وسلم لم ينجحوا في إصلاح البشرية وتنفيذ العدالة، وأن الذي سينجح في ذلك هو المهدي المنتظر، وأنه الشخص الوحيد في العالم الذي سيحقق ذلك. يقول في كلامه الذي نشرته بنصه صحيفة الرأي العام الكويتية بتاريخ (30/6/1980) " الأنبياء جميعاً جاؤوا من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم كله، لكنهم لم ينجحوا، وحتى إن النبي محمداً عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشرية وتنفيذ العدالة لم ينجح في ذلك في عهده.. وإن الشخص الذي سينجح في ذلك ويرسى قواعد العدالة في جميع أنحاء العالم ويقوم بالانحرافات هو المهدي المنتظر ". لا والله ما ذلك بحق وليس بصدق، فإن أحداً لم ينجح محمد صلى الله عليه وسلم في تحقيق العدالة، ولن يأتي أحد بعده يحقق ما حققه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. ويؤكد الخميني كلامه السابق فيقول: " لا يوجد في العالم أحد سوى المهدي من أجل تنفيذ العدالة بمعناها الحقيقي.. " ويقول: " إن الإمام المهدي عليه السلام سيعمل على نشر العدالة في جميع أنحاء العالم وسينجح فيما فشل في تحقيقه الأنبياء والأولياء بسب العراقيل التي كانت في طريقهم.. " ومن هنا يرى الخميني أن عيد المهدي هو أكبر أعياد المسلمين " إن عيد المهدي هو أكبر عيد للبشرية بأجمعها " وهذا يعني أنه أعظم من عيد الفطر والأضحى، وقد فضله على عيد مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم من جهة: " إن هذا العيد الذي هو عيد كبير بالنسب للمسلمين يعتبر أكبر من عيد ميلاد
النبي عليه السلام من جهة واحدة، ويقول: " إن عيده هو عيد جميع أبناء البشرية، لأنه سيهدي جميع أبناء البشر ". وختم كلامه مفضلاً إياه على غيره: " إني لا أتمكن من تسميته بالزعيم لأنه أكبر وأعظم وأرفع من ذلك، ولا أتمكن من تسميته بالرجل الأول لأنه لا يوجد أحد بعده، وليس له ثان ولذلك لا أتمكن من التعبير عنه بأي كلام سوى المهدي المنتظر الموعود " إننا لا نستغرب هذا الكلام بعد ما قرأناه في كتاب الحكومة الإسلامية. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الصفحة 212