كتاب الرسل والرسالات

المسيح الدجال، ففي الحديث الصحيح عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال، فقال: " إني أنذركموه، وما من نبي إلا قد أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومه، ولكن سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه، تعلمون أنه أعور، وأن الله ليس بأعور " (¬1) .
3- القواعد العامة:
والكتب السماوية تقرر القواعد العامة التي لا بدّ أن تعيها البشرية في مختلف العصور كقاعدة الثواب والعقاب، وهي أنّ الإنسان يحاسب بعمله، فيعاقب بذنوبه وأوزاره، ولا يؤاخذ بجريرة غيره، ويثاب بسعيه، وليس له سعى غيره (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى - وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى - أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى - وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى - وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى - ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى) [النجم: 36-41] .
ومن ذلك أن الفلاح الحقيقي يتحقق بتزكية النفس بمنهج الله والعبودية له، وإيثار الآجل على العاجل: (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى - وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى - بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا - وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى - إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى - صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) [الأعلى: 14-19] .
ومن ذلك أنّ الذي يستحق وراثة الأرض هم الصالحون (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) [الأنبياء: 105] .
وقد سأل أبو ذر رضي الله عنه الرسول صلى الله عليه وسلم عن محتويات صحف إبراهيم وصحف موسى ففي الحديث الذي يرويه ابن حبان والحاكم عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله ما كانت صحف إبراهيم؟
قال: كانت أمثالاً كلّها: أيها المسلط (أي: الحاكم النافذ السلطان) المبتلى (المختبر) المغرور، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض،
¬_________
(¬1) صحيح البخاري: 3057.

الصفحة 247