كتاب الرسل والرسالات

ولكني بعثتك لتردّ عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها وإن كانت من كافر.
وعلى العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفكر فيها في صنع الله عز وجل، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب.
وعلى العاقل ألا يكون ظاعناً (مرتحلاً) إلا لثلاث: تزود لمعاد، أو لمعاش، أو لذة في غير محرم.
وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه، مقبلاً على شانه، حافظاً للسانه، ومن حسب كلامه من عمله، قل كلامه إلاّ فيما يعنيه.
قلت: يا رسول الله: فما كانت صحف موسى؟
قال: كانت عبراً (عظات) كلّها:
عجبت لمن أيقن بالموت ثمّ هو يفرح، عجبت لمن أيقن بالنار، ثمّ هو يضحك، عجبت لمن أيقن بالقدر، ثمّ هو ينصب، عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها، ثمّ اطمأن إليها، عجبت لمن أيقن بالحساب غداً ثم لا يعمل ".
والقرآن يخبرنا أنّ الرسل جميعاً حملوا ميزان العدل والقسط (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطٌِ) [الحديد: 25] وأنهم أمروا بأن يكسبوا رزقهم بالحلال (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) [المؤمنون: 51] وكثير من العبادات التي نقوم بها كانت معروفة عند الرسل السابقين وأتباعهم (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ) [الأنبياء: 73] . وإسماعيل عليه السلام (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ..) [مريم: 55] وقال الله لموسى عليه السلام: (فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) [طه: 14] ، وقال عيسى: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) [مريم: 31] . والصوم مفروض على من قبلنا كما هو مفروض علينا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183] .
والحج فرضه إبراهيم عليه السلام، فقد أمره الله بعد بناء الكعبة فنادى

الصفحة 248