كتاب الرسل والرسالات

مقامات وحي الله إلى رسله:
للوحي الذي يعلم الله به رسله وأنبياءَه مقامات، قال الله تعالى مبيِّناً هذه المقامات: (وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلاَّ وحيّاً أومن وراء حجابٍ أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنَّه عليٌّ حكيم ٌ) [الشورى: 51] .
فالمقامات ثلاثة:
الأولى: الإلقاء في روع النبي الموحى إليه، بحيث لا يمتري النبي في أنّ هذا الذي ألقي في قلبه من الله تعالى، كما جاء في صحيح ابن حبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: " إنّ روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب " (¬1) . وذهب ابن الجوزي إلى أن المراد بالوحي في قوله: (إلاًّ وحياً) الوحي في المنام (¬2) .
رؤية الأنبياء:
وهذا الذي فسّر به ابن الجوزي المقام الأول داخل في الوحي بلا شّك، فإنّ رؤيا الأنبياء حقٌ، ولذلك فإنَّ خليل الرحمن إبراهيم بادر إلى ذبح ولده عندما رأى في المنام أنّه يذبحه، وعدّ هذه الرؤيا أمراً إلهياً، قال تعالى في إبراهيم وابنه إسماعيل: (فلمَّا بلغ معه السَّعي قال يا بنيَّ إني أرى في المنام أني
¬_________
(¬1) حديث صحيح بشواهده أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) 10/26، 27، من حديث أبي أمامة، وأورده البغوي في ((شرح السنة)) 14/303-304 (4111-4113) من عدة طرق عن ابن مسعود مرفوعاً، وانظر ((المستدرك)) 2/5 (2136) ، و ((كشف الخفاء)) 1/286 (707) ط. مؤسسة الرسالة.
(¬2) زاد المسير: (7/297) .

الصفحة 62