كتاب الرسل والرسالات

يسمع الصوت ويرى الضوء سبع سنين ولا يرى شيئاً، وثمان سنين يوحى إليه، وأقام بالمدينة عشراً " (¬1) .
قال النووي: " يسمع الصوت ويرى الضوء " قال القاضي: " أي: صوت الهاتف من الملائكة، ويرى الضوء، أي: نور الملائكة، ونور آيات الله، حتى رأى الملك بعينيه، وشافهه بوحي الله " (¬2) .
أثر الملك في الرسول:
من المزاعم التي يدعيها المكذبون بالرسل أن ما كان يصيب الرسول صلى الله عليه وسلم إنّما هو نوع من الصرع، أو اتصال من الشياطين به، وكذبوا في دعواهم، فالأمران مختلفان، فالذي يصيبه الصرع يصفرُّ لونه، ويخفُّ وزنه، ويفقد اتزانه، وكذلك الذي يصيبه الشيطان، وقد يتكلم الشيطان على لسانه، ويخاطب الحاضرين، وعندما يفيق من غيبوبته لا يدري ولا يذكر شيئاً ممّا خاطب به الشيطان الحاضرين على لسانه، أمّا الرسول صلى الله عليه وسلم فإن اتصال الملك به نماء في جسده، وإشراق في وجهه، ثمّ إن الجالسين لا يسمعون كلاماً، إنما يسمعون دوياً كدويّ النحل عند وجهه (¬3) ، ويقوم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وقد وعى كلّ ما أخبر به الملك، فيكون هو الذي يخبر أصحابه بما أوحي إليه.
فقد أخبرتنا عائشة - رضي الله عنها وعن أبيها - أنها رأت الرسول صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصد عرقاً (¬4) .
وفي رواية عنها: " إن كان لينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغداة الباردة، ثم تفيض جبهته عرقاً " (¬5) .
وأخبرتنا أنّ ناقته عندما كان يوحى إليه وهو فوقها يضرب حزامها وتكاد
¬_________
(¬1) انظر النووي على مسلم: (15/104) . وهذا الذي ذكره ابن عباس خلاف المحفوظ في مقدار المدة التي كان يوحى إليه فيها بمكة، فالمحفوظ أنه أوحي إليه في سنّ الأربعين وهاجر وعمره ثلاث وخمسون سنة، فتكون المدة ثلاث عشرة سنة.
(¬2) النووي على مسلم: (15/104) .
(¬3) رواه أحمد في ((المسند)) 1/350 (223) ، والترمذي (3173) ، والنسائي في ((السنن الكبرى)) 2/169-170 (1443) من حديث عمر بن الخطاب.
(¬4) صحيح البخاري.
(¬5) صحيح مسلم: 2333.

الصفحة 65