كتاب الرسل والرسالات

والله على ما نقول وكيلٌ) [القصص: 27-28] قال ابن حجر: والذي قاله الأئمة أن الحكمة في رعاية الأنبياء للغنم ليأخذوا أنفسهم بالتواضع، وتعتاد قلوبهم بالخلوة، ويترقوا من سياستها إلى سياسة الأمم (¬1) .
ومن الأنبياء الذي عملوا بأعمال البشر داود عليه السلام، فقد كان حدّاداً يصنع الدروع، قال تعالى: (وعلَّمناه صنعة لبوسٍ لَّكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون) [الأنبياء: 80] ، كان حداداً، وفي نفس الوقت كان ملكاً، وكان يأكل مما تصنعه يداه.
ونبي الله زكريا كان يعمل نجاراً، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كان زكريا يعمل نجاراً " (¬2) .
رابعاً: ليس فيهم شيء من خصائص الألوهية والملائكية:
ومقتضى كونهم بشراً أنهم ليسوا بآلهة، وليس فيهم من صفات الألوهية شيء، ولذلك فإنّ الرسل يتبرَّؤون من الحول والطول ويعتصمون بالله الواحد الأحد، ولا يَدَّعون شيئاً من صفات الله تعالى، قال تعالى مبيناً براءة عيسى مما نسب إليه: (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للنَّاس اتَّخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقٍ إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنَّك أنت علَّام الغيوب - ما قلت لهم إلاَّ ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربَّكم وكنت عليهم شهيداً مَّا دمت فيهم فلما توفَّيتني كنت أنت الرَّقيب عليهم وأنت على كل شيءٍ شهيد) [المائدة: 116-117] .
هذه مقالة عيسى في الموقف الجامع في يوم الحشر الأكبر، وهي مقولة صدق تنفي تلك الأكاذيب والترهات التي وصف بها النصارى عبد الله ورسوله عيسى فطائفة قالت: الله هو المسيح ابن مريم حلّ في بطن مريم (لقد كفر الَّذين قالوا إنَّ الله هو المسيح ابن مريم) [المائدة: 72] ، وأخرى قالت: هو ثالث
¬_________
(¬1) فتح الباري: (6/439) .
(¬2) صحيح مسلم: 2379.

الصفحة 77