كتاب الرسل والرسالات

عِصمَة الرّسُل
هل الرسل معصومون عن الخطأ والمعصية، وهل هي عصمة عامّة شاملة؟ هذا ما سنحاول بيانه في هذا الفصل.
المبحث الأول
العِصمة في التحمّل وفي التبليغ
اتفقت الأمة على أنَّ الرسل معصومون في تحمّل الرسالة (¬1) ، فلا ينسون شيئاً مما أوحاه الله إليهم إلاّ شيئاً قد نُسخ، وقد تكفل الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يقرئه فلا ينسى شيئاً مما أوحاه إليه، إلا شيئاً أراد الله أن ينسيه إياه: (سَنُقْرِؤُكَ فلا تنسى - إلاَّ ما شاء الله) [الأعلى: 6-7] ، وتكفل له بأن يجمعه في صدره: (لا تحرك به لسانك لتعجل به - إنَّ علينا جمعه وَقُرْآنَهُ - فإذا قَرَأْنَاهُ فاتَّبع قُرْآنَهُ) [القيامة: 16-18] .
وهم معصومون في التبليغ، فالرسل لا يكتمون شيئاً ممّا أوحاه الله إليهم، ذلك أن الكتمان خيانة، والرسل يستحيل أن يكونوا كذلك، قال تعالى: (يا أيُّها الرَّسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لَّم تفعل فما بلَّغت رسالته) [المائدة: 67] ولو حدث شيء من الكتمان أو التغيير لما أوحاه الله، فإن عقاب الله يحلّ بذلك الكاتم المغيّر (ولو تقوَّل علينا بعض الأقاويل - لأخذنا منه باليمين - ثمَّ لقطعنا منه الوتين) [الحاقة: 44-46] .
¬_________
(¬1) نقل الإجماع على العصمة في هذا أكثر من واحد انظر: مجموع الفتاوى 10/291، ولوامع الأنوار البهية: (2/304) .

الصفحة 97