كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة
فَأَمَّا حَيَوَانُ الْبَحْرِ الْمُحَرَّمُ كَالضُّفْدَعِ وَالتِّمْسَاحِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْكَوْسَجِ إِذَا قُلْنَا بِتَحْرِيمِهِ فَهُوَ نَجِسٌ بِالْمَوْتِ، وَيُنَجِّسُ الْمَاءَ الْقَلِيلَ كَمَا يُنَجِّسُ غَيْرَهُ مِنَ الْمَائِعَاتِ.
[مَسْأَلَةٌ ميتة مالا نفس له سائله طاهرة]
مَسْأَلَةٌ:
" وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّدًا مِنَ النَّجَاسَاتِ ".
النَّفْسُ هِيَ دَمُهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ النُّفَسَاءُ لِجَرَيَانِ نَفَسِهَا يُقَالُ نَفِسَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا حَاضَتْ وَنَفِسَتْ إِذَا وَلَدَتْ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَسِيلُ عَلَى حَدِّ الظُّبَاتِ نُفُوسُهَا ... وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ
وَهُوَ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: الْمُتَوَلِّدُ مِنَ النَّجَاسَةِ مِثْلُ صَرَاصِيرِ الْكَنِيفِ فَهُوَ نَجِسٌ حَيًّا وَمَيِّتًا؛ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ نَجِسٍ، فَكَانَ نَجِسًا كَالْكَلْبِ، وَالثَّانِي مَا هُوَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ طَاهِرٍ كَالذُّبَابِ وَالْبَقِّ وَالْعَقْرَبِ وَالْقَمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ وَالدِّيدَانِ وَالسَّرَطَانِ، سَوَاءٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَمٌ أَوْ كَانَ لَهُ دَمٌ غَيْرُ مَسْفُوحٍ، فَهَذَا لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَلَا يُنَجِّسُ الْمَائِعَ إِذَا وَقَعَ فِيهِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ
الصفحة 135