كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
وَمَا لَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ مِنَ الصَّحِيحِ إِلَّا بِانْتِشَارِ الْمَاءِ إِلَى الْجُرْحِ، فَلَهُ حُكْمُ الْجَرِيحِ كَمَا قُلْنَا فِي الْجَبِيرَةِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ ضَبْطُهُ بِحَيْثُ لَا يَنْتَشِرُ الْمَاءُ إِلَيْهِ لَزِمَهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ضَبْطُهُ وَقَدَرَ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَضْبِطُهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا سَقَطَ غُسْلُهُ وَأَجْزَأَهُ التَّيَمُّمُ.
فَصْلٌ:
فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ وَالْمَاءُ يَكْفِي إِحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ، أَزَالَ بِهِ النَّجَاسَةَ وَتَيَمَّمَ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ عِنْدَ الْحَدَثِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ.
حَتَّى لَوْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ عَلَى ثَوْبِهِ الَّذِي لَا يَجِدُ غَيْرَهُ، أَزَالَهَا بِالْمَاءِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الْأُخْرَى يَتَوَضَّأُ وَيَدَعُ الثَّوْبَ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَمَّمْ لَهُ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ الثَّوْبِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَالْوُضُوءَ مَجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ عَلَى بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ غَسَلَ الثَّوْبَ وَتَيَمَّمَ لِلْبَدَنِ، وَيَتَوَجَّهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَغْسِلَ الْبَدَنَ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: (الْوَقْتُ، فَلَا يَتَيَمَّمُ لِفَرِيضَةٍ قَبْلَ وَقْتِهَا، وَلَا لِنَافِلَةٍ فِي وَقْتِ النَّهْيِ عَنْهَا) هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْقَائِمَ إِلَى الصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ تَيَمَّمَ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَتَيَمَّمَ إِلَّا بَعْدَ " الْقِيَامِ " إِلَى الصَّلَاةِ وَإِعْوَازِ الْمَاءِ، وَإِنَّمَا جَازَ الْوُضُوءُ قَبْلَ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ

الصفحة 440